للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

وَلَمَّا بَلَوْتُ النَّاسَ أَطْلُبُ عندهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد

تطعمت فِي حَالَيْ رَخَاءٍ وَشِدَّةٍ ... وَنَادَيْتُ فِي الْأَحْيَاءِ هَلْ مِنْ مُسَاعِدِ؟

فَلَمْ أَرَ فِيمَا سَاءَنِي غَيْرَ شَامِتٍ ... وَلَمْ أَرَ فِيمَا سَرَّنِي غَيْرَ حاسد

فطلقت ود العالمين جميعهم ... ورحت فلا ألوى على غير واحد

تَمَتَّعْتُمَا يَا نَاظِرَيَّ بِنَظْرَةٍ ... وَأَوْرَدْتُمَا قَلْبِي أَمَرَّ الْمَوَارِدِ

أَعَيْنَيَّ كُفَّا عَنْ فُؤَادِي فَإِنَّهُ ... مِنَ البغي سعى اثنين في قتل واحد

[والقاضي عياض بن موسى السبتي]

صاحب التصانيف المفيدة ومن شعره قوله:

الله يعلم أنى منذ لم أركم ... كطائر خانه ريش الجناحين

ولو قدرت ركبت الريح نحوكم ... فان بعدكم عنى جنى حينى

وقد ترجمه ابن خلكان ترجمة حسنة.

[عيسى بن هبة الله]

ابن عيسى، أبو عبد الله النقاش، سمع الحديث، مولده سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ ظَرِيفًا خَفِيفَ الرُّوحِ، لَهُ نَوَادِرُ حَسَنَةٌ رَأَى النَّاسَ، وَعَاشَرَ الْأَكْيَاسَ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسِي وَيُكَاتِبُنِي وَأُكَاتِبُهُ، كَتَبْتُ إِلَيْهِ مَرَّةً فَعَظَّمْتُهُ فِي الكتاب فَكَتَبَ إِلَيَّ: قَدْ زِدْتِنِي فِي الْخِطَابِ حَتَّى خشيت نقصا من الزيادة، وَلَهُ:

إِذَا وَجَدَ الشَّيْخُ فِي نَفْسِهِ ... نَشَاطًا فَذَلِكَ مَوْتٌ خَفِي

أَلَسْتَ تَرَى أَنَّ ضَوْءَ السِّرَاجِ ... لَهُ لَهَبٌ قَبْلَ أَنْ يَنْطَفِي

غَازِيُّ بن آقسنقر

الْمَلِكُ سَيْفُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، وَهُوَ أَخُو نُورِ الدِّينِ مَحْمُودٍ، صَاحِبِ حَلَبَ ثُمَّ دِمَشْقَ فِيمَا بَعْدُ، وَقَدْ كَانَ سَيْفُ الدِّينِ هَذَا مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ وَأَحْسَنِهِمْ سِيرَةً، وَأَجْوَدِهِمْ سَرِيرَةً، وَأَصْبَحِهِمْ صُورَةً، شُجَاعًا كَرِيمًا، يَذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ لِجَيْشِهِ مِائَةً مِنَ الْغَنَمِ، وَلِمَمَالِيكِهِ ثَلَاثِينَ رَأْسًا، وَفِي يَوْمِ الْعِيدِ أَلْفَ رَأْسٍ سِوَى الْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَ عَلَى رَأْسِهِ سَنْجَقٌ مِنْ مَلُوكِ الْأَطْرَافِ، وَأَمَرَ الْجُنْدَ أَنْ لَا يَرْكَبُوا إِلَّا بِسَيْفٍ وَدَبُّوسٍ، وَبَنَى مَدْرَسَةً بِالْمَوْصِلِ وَرِبَاطًا لِلصُّوفِيَّةِ وَامْتَدَحَهُ الْحَيْصَ بَيْصَ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ عَيْنًا، وَخِلْعَةً. وَلَمَّا تُوُفِّيَ بِالْحُمَّى في جمادى الآخرة دُفِنَ فِي مَدْرَسَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ بَعْدَ أَبِيهِ ثلاث سنين وخمسين يوما، رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>