للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفِقْهِ، وَصَحِبَ الْغَزَالِيَّ وَأَخَذَ عَنْهُ، وَكَانَ يَتَّهِمُهُ بِرَأْيِ الْفَلَاسِفَةِ، وَيَقُولُ دَخَلَ فِي أَجْوَافِهِمْ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وأربعين وخمسمائة

فِيهَا أَغَارَ جَيْشُ السُّلْطَانِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَقَتَلُوا خَلْقًا وَرَجَعُوا سَالِمِينَ. وَفِيهَا حَاصَرَ نُورُ الدين دمشق شهورا ثم ترحل عنها إلى حلب، وكان الصلح على يدي البرهان البلخي. وفيها اقتتل الفرنج وجيش نور الدين فانهزم المسلمون وقتل منهم خلق، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦. وَلَمَّا وَقَعَ هَذَا الأمر شق ذلك على نور الدين وترك الترفه وهجر اللذة حتى يأخذ بالثار، ثم إن أمراء التركمان ومعهم جماعة من أعوانهم ترصدوا الملك جوسليق الْإِفْرِنْجِيِّ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَسَرُوهُ فِي بَعْضِ مُتَصَيِّدَاتِهِ فَأَرْسَلَ نُورُ الدِّينِ فَكَبَسَ التُّرْكُمَانَ وأخذ منهم جوسليق أسيرا، وكان من أعيان الكفرة، وأعظم الفجرة، فَأَوْقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَذَلِّ حَالٍ، ثُمَّ سجنه. ثم سار نُورُ الدِّينِ إِلَى بِلَادِهِ فَأَخَذَهَا كُلَّهَا بِمَا فِيهَا.

وَفِي ذِي الْحِجَّةِ جَلَسَ ابْنُ الْعَبَّادِيِّ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ وَتَكَلَّمَ، وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ، فَكَادَتِ الْحَنَابِلَةُ يُثِيرُونَ فِتْنَةً ذَلِكَ الْيَوْمَ، ولكن لطف الله وسلم. وحج بالناس فيها قيماز الأرجواني.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

الشَّيْخُ.

بُرْهَانُ الدين أبو الحسن بن عَلِيٌّ الْبَلْخِيُّ

شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ بِدِمَشْقَ، دَرَسَ بِالْبَلْخِيَّةِ ثُمَّ بِالْخَاتُونِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَكَانَ عَالِمًا عَامِلًا، وَرِعًا زَاهِدًا، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سنة سبع وأربعين وخمسمائة

فِيهَا تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ مَسْعُودٌ وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بعده أخوه ملك شاه بن محمود، ثم جاء السلطان محمد وأخذ الْمُلْكَ وَاسْتَقَرَّ لَهُ، وَقَتَلَ الْأَمِيرَ خَاصَّ بِكْ، وأخذ أمواله وألقاه للكلاب، وبلغ الخليفة أن واسط قَدْ تَخَبَّطَتْ أَيْضًا، فَرَكِبَ إِلَيْهَا فِي الْجَيْشِ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَأَصْلَحَ شَأْنَهَا، وَكَرَّ عَلَى الكوفة والحلة، ثم عاد إلى بغداد فزينت له البلد. وفيها ملك عبد المؤمن صاحب الْمَغْرِبِ بِجَايَةَ وَهِيَ بِلَادُ بَنِي حَمَّادٍ، فَكَانَ آخِرَ مُلُوكِهِمْ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حماد، ثم جهز عبد المؤمن جَيْشًا إِلَى صِنْهَاجَةَ فَحَاصَرَهَا، وَأَخَذَ أَمْوَالَهَا. وَفِيهَا كانت وقعة عظيمة بين نور الدين الشهيد وبين الفرنج، فكسرهم وقتل منهم خلقا وللَّه الحمد. وفيها اقتتل السلطان سَنْجَرُ وَمَلِكُ الْغُورِ عَلَاءُ الدِّينِ الْحُسَيْنُ بْنُ الحسن أَوَّلُ مُلُوكِهِمْ، فَكَسَرَهُ سَنْجَرُ وَأَسَرَهُ، فَلَمَّا أَحْضَرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لَهُ: مَاذَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِي لَوْ أَسَرْتَنِي؟

فَأَخْرَجَ قَيْدًا مِنْ فِضَّةٍ وَقَالَ: كُنْتُ أُقَيِّدُكَ بِهَذَا. فَعَفَا عَنْهُ وَأَطْلَقَهُ إِلَى بِلَادِهِ، فَسَارَ إِلَى غَزْنَةَ فَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا بَهْرَامْ شَاهْ السُّبُكْتُكِينِيِّ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَخَاهُ سَيْفَ الدِّينِ فَغَدَرَ بِهِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَسَلَّمُوهُ إِلَى بَهْرَامْ شَاهْ فَصَلَبَهُ، وَمَاتَ بَهْرَامْ شاه قريبا فسار إليه عَلَاءُ الدِّينِ فَهَرَبَ خُسْرُو بْنُ بَهْرَامْ

<<  <  ج: ص:  >  >>