للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاهْ عَنْهَا، فَدَخَلَهَا عَلَاءُ الدِّينِ فَنَهْبَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا بَشَرًا كَثِيرًا، وَسَخَّرَ أهلها فحملوا ترابا في مخالى إلى محلة هنالك بَعِيدَةٍ عَنِ الْبَلَدِ، فَعَمَّرَ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ قَلْعَةً مَعْرُوفَةً إِلَى الْآنِ، وَبِذَلِكَ انْقَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي سُبُكْتُكِينَ عَنْ بِلَادِ غَزْنَةَ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ كَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِمْ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة إلى سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وَكَانُوا مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ، وَأَكْثَرِهِمْ جِهَادًا فِي الكفرة، وأكثرهم أموالا ونساء وعددا وعددا، وقد كَسَرُوا الْأَصْنَامَ وَأَبَادُوا الْكُفَّارَ، وَجَمَعُوا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ يَجْمَعْ غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُلُوكِ، مَعَ أن بلادهم كانت من أطيب البلاد وأكثرهم رِيفًا وَمِيَاهًا فَفَنِيَ جَمِيعُهُ وَزَالَ عَنْهُمْ (قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ٣: ٢٦ ثُمَّ مَلَكَ الْغُورَ وَالْهِنْدَ وَخُرَاسَانَ، وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُمْ وعظم سلطان علاء الدين بعد الأسر، وحكى ابن الجوزي أَنَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَاضَ دِيكٌ بَيْضَةً واحدة، ثم باض بازي بيضتين، وباضت نعامة من غير ذكر، وهذا شيء عجيب.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.

الْمُظَفَّرُ بْنُ أَرْدَشِيرَ

أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّادِيُّ، الْوَاعِظُ، سَمِعَ الْحَدِيثَ ودخل إلى بغداد فأملى ووعظ، وكان الناس يكتبون ما يعظ بِهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مُجَلَّدَاتٌ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا تَكَادُ تَجِدُ فِي الْمُجَلَّدِ خَمْسَ كَلِمَاتٍ جَيِّدَةٍ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ وَأَطَالَ الْحَطَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحْسَنَ مِنْ كَلَامِهِ قَوْلَهُ: وَقَدْ سَقَطَ مطر وهو يعظ الناس، وقد ذهب الناس إلى تَحْتَ الْجُدْرَانِ، فَقَالَ لَا تَفِرُّوا مِنْ رَشَّاشِ مَاءِ رَحْمَةٍ قَطَرَ مِنْ سَحَابِ نِعْمَةٍ، وَلَكِنْ فروا من رشاش نَارٍ اقْتُدِحَ مِنْ زِنَادِ الْغَضَبِ. تُوُفِّيَ وَقَدْ جاوز الخمسين بقليل.

[مسعود السلطان]

صَاحِبُ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا، حَصَلَ لَهُ مِنَ التَّمَكُّنِ وَالسَّعَادَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ، وَجَرَتْ له خطوب طويلة، كما تقدم بعض ذلك، وقد أسر في بعض حروبه الْخَلِيفَةَ الْمُسْتَرْشِدَ كَمَا تَقَدَّمَ، تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سلخ جمادى الآخرة منها.

يَعْقُوبُ الْخَطَّاطُ الْكَاتِبُ

تُوُفِّيَ بِالنِّظَامِيَّةِ، فَجَاءَ دِيوَانُ الحشر ليأخذوا ميراثه فَمَنَعَهُمُ الْفُقَهَاءُ فَجَرَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ آلَ الْحَالُ إلى عزل المدرس الشيخ أبى النجيب وضربه في الديوان تَعْزِيرًا.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

فيها وقع الحرب بين السلطان سنجر وبين الأتراك، فقتل الأتراك من جيشه خلقا كثيرا بحيث صارت القتلى مثل التلول الْعَظِيمَةِ، وَأَسَرُوا السُّلْطَانَ سَنْجَرَ وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ معه من الأمراء صبرا، ولما أحضروه قاموا بين يديه وقبلوا الأرض له، وَقَالُوا نَحْنُ عَبِيدُكَ، وَكَانُوا عِدَّةً مِنَ الْأُمَرَاءِ الكبار

<<  <  ج: ص:  >  >>