فِيهَا رَكِبَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إلى تكريت فحاصر قلعتها، ولقي هناك جمعا من الأتراك والتركمان، فأظفره الله بهم، ثم عاد إلى بغداد.
[ملك السلطان نور الدين الشهيد بدمشق]
وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مِصْرَ قَدْ قُتِلَ خَلِيفَتُهَا الظَّافِرُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا صَبِيٌّ صَغِيرٌ ابن خمس شهور، قَدْ وَلَّوْهُ عَلَيْهِمْ وَلَقَّبُوُهُ الْفَائِزَ، فَكَتَبَ الْخَلِيفَةُ عهدا إلى نور الدين محمود بن زنكي بالولاية على بلاد الشام وَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَرْسَلَهُ إِلَيْهَا. وَفِيهَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِيهَا نَارٌ فَخَافَ النَّاسُ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ وَتَغَيَّرَ مَاءُ دجلة إلى الحمرة، وظهر بأرض واسط بالأرض دم لا يعرف ما سببه، وجاءت الأخبار عن الملك سنجر أنه في أسر الترك، وهو فِي غَايَةِ الذُّلِّ وَالْإِهَانَةِ، وَأَنَّهُ يَبْكِي عَلَى نفسه كل وقت. وفيها انتزع نور الدين محمود دمشق من يد ملكها نور الدين أرتق، وَذَلِكَ لِسُوءِ سِيرَتِهِ وَضَعْفِ دَوْلَتِهِ، وَمُحَاصَرَةِ الْعَامَّةِ له في القلعة، مع وزيره مؤيد الدولة على بْنِ الصُّوفِيِّ، وَتَغَلُّبِ الْخَادِمِ عَطَاءٍ عَلَى الْمَمْلَكَةِ مع ظلمه وغشمه، وكان الناس يدعون لَيْلًا وَنَهَارًا أَنْ يُبَدِّلَهُمْ بِالْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ، وَاتَّفَقَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرِنْجَ أَخَذُوا عَسْقَلَانَ فحزن نُورُ الدِّينِ عَلَى ذَلِكَ،