للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة ثلاث وستين وخمسمائة]

فِي صَفَرٍ مِنْهَا وَصَلَ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْبَلَدِيِّ مِنْ وَاسِطٍ إِلَى بَغْدَادَ، فَخَرَجَ الْجَيْشُ لِتَلَقِّيهِ وَالنَّقِيبَانِ وَالْقَاضِي، وَمَشَى النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى الدِّيوَانِ فَجَلَسَ فِي دَسْتِ الْوِزَارةِ، وَقُرِئَ عُهْدُهُ وَلُقِّبَ بِالْوَزِيرِ شَرَفِ الدِّينِ جلال الإسلام معز الدولة سيد الوزارء صَدْرِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ. وَفِيهَا أَفْسَدَتْ خَفَاجَةُ فِي الْبِلَادِ وَنَهَبُوا الْقُرَى، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ بَغْدَادَ فَهَرَبُوا فِي الْبَرَارِي فَانْحَسَرَ الْجَيْشُ عَنْهُمْ خَوْفًا مِنَ الْعَطَشِ، فَكَرُّوا عَلَى الْجَيْشِ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا وَأَسَرُوا آخَرِينَ، وَكَانَ قَدْ أَسَرَ الْجَيْشُ مِنْهُمْ خَلْقًا فَصُلِبُوا عَلَى الْأَسْوَارِ. وَفِي شوال منها وصلت امرأة الملك نور الدين محمود ابن زَنْكِيٍّ إِلَى بَغْدَادَ تُرِيدُ الْحَجَّ مِنْ هُنَاكَ، وَهِيَ السِّتُّ عِصْمَتُ الدِّينِ خَاتُونُ بِنْتُ مُعِينِ الدين، ومعها الخدم والخدام، وفيهم صندل الخادم، وحملت لها الامامات وَأُكْرِمَتْ غَايَةَ الْإِكْرَامِ. وَفِيهَا مَاتَ قَاضِي قُضَاةِ بغداد جعفر، فشغر البلد عن حاكم ثلاثا وعشرين يوما، حتى ألزموا روح بن الحدثنى قاضى القضاة في رابع رجب.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

جَعْفَرُ بْنُ عبد الواحد

أبو البركات الثقفي، قاضى قضاة بغداد بعد أبيه، ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة، وَسَبَبُ وَفَاتِهِ أَنَّهُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ وَكَلَّمَهُ الْوَزِيرُ ابْنُ الْبَلَدِيِّ كَلَامًا خَشِنًا فَخَافَ فَرَمَى الدم ومات.

أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ

عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَسَمِعَ بِهَا وَذَيَّلَ عَلَى تَارِيخِهَا لِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ، وَقَدْ نَاقَشَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظَمِ، وَذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَصَّبُ عَلَى أَهْلِ مَذْهَبِهِ، وَيَطْعَنُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ يُتَرْجِمُ بِعِبَارَةٍ عَامِّيَّةٍ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ بَعْضِ الشِّيخَاتِ إِنَّهَا كَانَتْ عَفِيفَةً. وَعَنِ الشَّاعِرِ الْمَشْهُورِ بِحَيْصَ بَيْصَ إِنَّهُ كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ يُقَالُ لَهَا دَخَلَ خَرَجَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ محمد

ابن عبد الله أَبُو النَّجِيبِ السُّهْرَوَرْدِيُّ، كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ مِنْ سلالة أبى بكر الصديق رضى الله عنه سَمِعَ الْحَدِيثَ وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى وَدَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَابْتَنَى لِنَفْسِهِ مَدْرَسَةً وَرِبَاطًا، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مُتَصَوِّفًا يَعِظُ النَّاسَ، وَدُفِنَ بِمَدْرَسَتِهِ.

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الحميد

ابن أَبِي الْحُسَيْنِ أَبُو الْفَتْحِ الرَّازِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْعَلَاءِ الْعَالِمِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، وَكَانَ مِنَ الْفُحُولِ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَلَهُ طَرِيقَةٌ فِي الْخِلَافِ وَالْجَدَلِ، يُقَالُ لَهَا التَّعْلِيقَةُ الْعَالَمِيَّةُ. قَالَ ابْنُ الجوزي وقد قدم بَغْدَادَ وَحَضَرَ مَجْلِسِي، وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كان يد من شرب الخمر. قال وَكَانَ يَقُولُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا أَطْيَبُ مِنْ كتاب المناظرة وباطية من خمر أَشْرَبُ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ثُمَّ بَلَغَنِي عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>