للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الزَّمَانِ وَبَنِيهِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظَمِ يَذُمُّهُ وَيَرْمِيهِ بِالْعَظَائِمِ، وَأَوْرَدَ لَهُ مِنْ أَشْعَارِهِ مَا فِيهِ مُشَابَهَةٌ لِابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ فِي الزندقة فاللَّه أعلم. تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ خَمْسٍ وسبعين سنة، ودفن بباب حرب، ورئيت لَهُ مَنَامَاتٌ غَيْرُ صَالِحَةٍ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ في الدنيا والآخرة.

مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ

أَبُو مَنْصُورٍ الْعَطَّارُ، الْمَعْرُوفُ بِحَفَدَةَ، سَمِعَ الْكَثِيرَ وَتَفَقَّهَ وَنَاظَرَ وأفتى ودرس، وقدم بغداد فمات بها

محمود بن تتش شِهَابُ الدِّينِ الْحَارِمِيُّ

خَالُ السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ، كان من خيار الأمراء وشجعانهم، أقطعه ابن أخته حماه، وقد حاصره الفرنج وهو مريض فأخذوا حماه وقتلوا بعض أهلها، ثم تناخى أهلها فردوهم خائبين.

فاطمة بنت نصر الْعَطَّارِ

كَانَتْ مِنْ سَادَاتِ النِّسَاءِ، وَهِيَ مِنْ سلالة أخت صاحب المخزن، كانت مِنَ الْعَابِدَاتِ الْمُتَوَرِّعَاتِ الْمُخَدَّرَاتِ، يُقَالُ إِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مَنْزِلِهَا سِوَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهَا الْخَلِيفَةُ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وخمسمائة

فِيهَا وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ الْقَاضِي الْفَاضِلِ مِنْ مصر إلى الناصر وهو بالشام يهنيه بسلامة أولاده الملوك الاثني عشر، يقول: وهم بحمد الله بهجة الحياة وزينتها، وريحانة القلوب والأرواح وزهرتها، إن فُؤَادًا وَسِعَ فِرَاقَهُمْ لَوَاسِعٌ، وَإِنَّ قَلْبًا قَنِعَ بِأَخْبَارِهِمْ لَقَانِعٌ، وَإِنَّ طَرَفًا نَامَ عَنِ الْبُعْدِ عنهم لهاجع، وإن ملكا ملك صبره عَنْهُمْ لَحَازِمٌ، وَإِنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ لَنِعْمَةٌ بِهَا الْعَيْشُ نَاعِمٌ، أَمَا يَشْتَاقُ جِيدُ الْمَوْلَى أن تطوق بدرهم؟ أما تظمأ عينه أن تروى بنظرهم؟ أما يحن قلبه للقيهم؟ أما يلتقط هذا الطائر بفتيلهم؟ وَلِلْمَوْلَى أَبْقَاهُ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ:

وَمَا مِثْلُ هذا الشوق يحمل بعضه ... وَلَكِنَّ قَلْبِي فِي الْهَوَى يَتَقَلَّبُ

وَفِيهَا أَسْقَطَ صَلَاحُ الدِّينِ الْمُكُوسَ وَالضَّرَائِبَ عَنِ الْحُجَّاجِ بِمَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ حُجَّاجِ الْغَرْبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ حُبِسَ فَرُبَّمَا فاته الوقوف بعرفة، وعوض أمير مكة بمال أقطعه إياه بمصر، وَأَنْ يُحْمَلَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةُ آلاف أردب إِلَى مَكَّةَ، لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ وَلِأَتْبَاعِهِ، وَرِفْقًا بالمجاورين، وقررت للمجاورين أيضا غلات تحمل إليهم رحمه الله. وَفِيهَا عَصَى الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُقَدَّمٍ بِبَعْلَبَكَّ، وَلَمْ يَجِئْ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ، وَهُوَ نازل على حِمْصَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَخَا السُّلْطَانِ توران شاه طلب بعلبكّ منه فَأَطْلَقَهَا لَهُ، فَامْتَنَعَ ابْنُ الْمُقَدَّمِ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا حَتَّى جَاءَ السُّلْطَانُ بِنَفْسِهِ فَحَصَرَهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، ثُمَّ عَوَّضَ ابْنَ الْمُقَدَّمِ عَنْهَا بِتَعْوِيضٍ كَثِيرٍ خَيْرٍ مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ، فخرج منها وتسلمها وسلمها توران شاه. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَكَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِسَبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>