للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتِلَاطٍ، فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ فِي حَيْصَ بَيْصَ، أي في شر وهرج، فغلب عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَةُ، وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيٍّ طَبِيبِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا. كَانَتْ لَهُ حَوَالَةٌ بِالْحِلَّةِ فَذَهَبَ يتقاضاها فتوفى ببغداد في هذه السنة.

[محمد بن نسيم]

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخَيَّاطُ، عَتِيقُ الرَّئِيسِ أَبِي الفضل بن عبسون، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ، سَقَطَ مِنْ دَرَجَةٍ فمات. قال: أنشدنى مولى الدين يعنى ابن علام الحكيم بن عبسون.

للقارئ المحزون أَجْدَرُ بِالتُّقَى ... مِنْ رَاهِبٍ فِي دَيْرِهِ مُتَقَوِّسِ

وَمُرَاقِبُ الْأَفِلَاكِ كَانَتْ نَفْسُهُ ... بِعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ أَحْرَى الْأَنْفُسِ

وَالْمَاسِحُ الْأَرْضِينَ وَهْيَ فَسِيحَةٌ ... أَوْلَى بِمَسْحٍ فِي أَكُفِّ اللُّمَّسِ

أَوْلَى بِخَشْيَةِ رَبِّهِ مِنْ جاهل ... بمثلث ومربع ومخمس

[ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة]

وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ عُيُونٍ اسْتُهِلَّتْ هَذِهِ السنة والسلطان صلاح الدين الناصر نَازِلٌ بِجَيْشِهِ عَلَى تَلِّ الْقَاضِي بِبَانِيَاسَ، ثُمَّ قصده الفرنج بجمعهم فنهض إليهم فما هو إلا أن التقى الفريقان واصطدم الجندان، فأنزل الله نصره وأعز جنده، فولت ألوية الصلبان ذاهبة وخيل الله لركابهم راكبة، فقتل منهم خلق كثير، وَأُسِرَ مِنْ مُلُوكِهِمْ جَمَاعَةٌ، وَأَنَابُوا إِلَى السَّمْعِ والطاعة، منهم مقدم الداوية ومقدم الابسباتارية وَصَاحِبُ الرَّمْلَةِ وَصَاحِبُ طَبَرِيِّةَ وَقَسْطَلَانُ يَافَا وَآخَرُونَ مِنْ مُلُوكِهِمْ، وَخَلْقٌ مِنْ شُجْعَانِهِمْ وَأَبْطَالِهِمْ، وَمِنْ فرسان القدس جماعة كثيرون تقريبا من ثلاثمائة أسير من أشرافهم، فصاروا يهانون في القيود. قال العماد: فَاسْتَعْرَضَهُمُ السُّلْطَانُ فِي اللَّيْلِ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ، وصلى يومئذ الصبح بوضوء العشاء، وكان جالسا ليلتئذ في نحو العشرين والفرنج كثير، فسلمه الله مِنْهُمْ، ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى دِمَشْقَ لِيُعْتَقَلُوا بِقَلْعَتِهَا، فافتدى ابن البارزانى صاحب الرملة نفسه بِمِائَةِ أَلْفٍ وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ صُورِيَّةٍ، وَإِطْلَاقِ أَلْفِ أَسِيرٍ مِنْ بِلَادِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وافتدى جماعة منهم أنفسهم بأموال جزيلة، ومنهم من مات في السجن، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ظَفِرَ فِيهِ السلطان بالفرنج بمرج عيون، ظهر أسطول المسلمين على بطشة لِلْفِرِنْجِ فِي الْبَحْرِ وَأُخْرَى مَعَهَا فَغَنِمُوا مِنْهَا أَلْفَ رَأْسٍ مِنَ السَّبْيِ، وَعَادَ إِلَى السَّاحِلِ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، وَقَدِ امْتَدَحَ الشُّعَرَاءُ السُّلْطَانَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ بِمَدَائِحَ كَثِيرَةٍ، وَكُتِبَ بِذَلِكَ إِلَى بغداد فدقت البشائر بها فرحا وسرورا، وَكَانَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ غَائِبًا عن هذه الوقعة مشتغلا بما هو أعظم منها، وذلك أن ملك الروم قرارسلان بعث يطلب حصن رعنان، وَزَعَمَ أَنَّ نُورَ الدِّينِ اغْتَصَبَهُ مِنْهُ، وَأَنَّ ولده قد عصى، فلم يجبه إلى ذلك السلطان، فَبَعَثَ صَاحِبُ الرُّومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>