للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْكَامِلِ: وَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ فِي حُسْنِ خلقه وسمته وكراماته وعبادته.

الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مقدم

أحد نواب صَلَاحِ الدِّينِ، لَمَّا افْتَتَحَ النَّاصِرُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَحْرَمَ جَمَاعَةٌ فِي زَمَنِ الْحَجِّ مِنْهُ إِلَى المسجد الحرام، وكان ابن مقدم أمير الحاج في تلك السنة، فلما وقف بِعَرَفَةَ ضَرَبَ الدَّبَادِبَ وَنَشَرَ الْأَلْوِيَةَ، وَأَظْهَرَ عِزَّ السلطان صلاح الدين وعظمته، فَغَضِبَ طَاشْتِكِينُ أَمِيرُ الْحَاجِّ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ، فَزَجَرَهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَسْمَعْ، فَاقْتَتَلَا فَجُرِحَ ابْنُ مُقَدَّمٍ وَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِمِنًى، وَدُفِنَ هُنَالِكَ، وَجَرَتْ خُطُوبٌ كَثِيرَةٌ، وَلِيمَ طَاشْتِكِينُ على ما فعل، وخاف معرة ذلك من جهة صلاح الدين والخليفة، وعزله الخليفة عن منصبه.

[محمد بن عبيد الله]

ابن عبد الله سبط بن التعاويذي الشاعر، ثم أضر في آخر عمره وجاز الستين توفى في شوال

[نصر بن فتيان بن مطر]

الفقيه الحنبلي المعروف بابن المنى، كان زَاهِدًا عَابِدًا، مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِمِائَةٍ، وَمِمَّنْ تَفَقَّهَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ بْنُ قُدْامَةَ، وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خلف بن راجح، والناصر عبد الرحمن بن المنجم بن عبد الوهاب، وعبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي وغيرهم توفى خامس رمضان. وفيها توفى قاضى القضاة.

أبو الحسن الدامغانيّ ببغداد

وَقَدْ حَكَمَ فِي أَيَّامِ الْمُقْتَفِي ثُمَّ الْمُسْتَنْجِدِ ثُمَّ عُزِلَ وَأُعِيدَ فِي أَيَّامِ الْمُسْتَضِيءِ، وَحَكَمَ للناصر حتى تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وثمانين وخمسمائة

فِي مُحَرَّمِهَا حَاصَرَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ حِصْنَ كوكب فرآه منيعا صعبا، فَوَكَّلَ بِهِ الْأَمِيرَ قَايْمَازَ النَّجْمِيَّ فِي خَمْسِمِائَةِ فارس يضيقون عليهم المسالك، وكذلك وكل لصفت [الصغد] وكانت للداوية خمسمائة فارس مع طغرلبك الجامدار يمنعون الميرة والتقاوى أن تصل إليهم، وبعث إلى الكرك الشوبك يضيقون على أهلها ويحاصرونهم، ليفرغ من أموره لقتال هذه الأماكن، ولما رجع السلطان من هذه الغزوة إلى دمشق وجد الصفي بن الفايض وكيل الخزانة قد بنى له دَارًا بِالْقَلْعَةِ هَائِلَةً مُطِلَّةً عَلَى الشَّرَفِ الْقِبْلِيِّ، فغضب عليه وعزله وقال: إنا لم نخلق للمقام بدمشق ولا بغيرها من البلاد، وإنما خلقنا لعبادة الله عز وجل والجهاد في سبيله، وهذا الّذي عملته مما يثبط النفوس ويقعدها عما خلقت له.

وجلس السلطان بدار العدل فحضرت عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَأَهْلُ الْفَضْلِ، وَزَارَ الْقَاضِيَ الْفَاضِلَ فِي بُسْتَانِهِ عَلَى الشَّرَفِ فِي جَوْسَقِ ابْنِ الفراش، وحكى له ما جرى من الأمور، واستشاره فيما يفعل فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْمُهِمَّاتِ وَالْغَزَوَاتِ، ثُمَّ خَرَجَ من دمشق فسلك على بيوس وقصد البقاع، وسار إلى حمص وحماه

<<  <  ج: ص:  >  >>