للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يأكل عند النَّوْمِ رَطْلًا بِالدِمَشْقِيِّ مِنَ الْحَلْوَى السُّكَّرِيَّةِ الْيَابِسَةِ، وَكَانَ يَعْتَرِيهِ مَرَضٌ فِي أَنْفِهِ فِي زَمَنِ الْوَرْدِ وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِدِمَشْقَ حَتَّى يَفْرُغَ زَمَنُ الْوَرْدِ، فَكَانَ يُضْرَبُ لَهُ الْوِطَاقُ بِمَرْجِ الصُّفَّرِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْبَلَدَ بَعْدَ ذلك. توفى عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ جَمَاعَةٌ: مُحَمَّدٌ الْكَامِلُ صَاحِبُ مِصْرَ، وَعِيسَى الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ دِمَشْقَ، وَمُوسَى الْأَشْرَفُ صَاحِبُ الْجَزِيرَةِ، وخلاط وحران وغير ذلك، والأوحد أيوب مات قَبْلَهُ، وَالْفَائِزُ إِبْرَاهِيمُ، وَالْمُظَفَّرُ غَازِيٌّ صَاحِبُ الرَّهَا، وَالْعَزِيزُ عُثْمَانُ وَالْأَمْجَدُ حَسَنٌ وَهُمَا شَقِيقَا الْمُعَظَّمِ، والمقيت مَحْمُودٌ، وَالْحَافِظُ أَرْسَلَانُ صَاحِبُ جَعْبَرٍ، وَالصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ، وَالْقَاهِرُ إِسْحَاقُ، وَمُجِيرُ الدِّينِ يَعْقُوبُ، وَقُطْبُ الدِّينِ أَحْمَدُ، وَخَلِيلٌ وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَتَقِيُّ الدِّينِ عَبَّاسٌ وَكَانَ آخِرَهُمْ وَفَاةً، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَانَ لَهُ بَنَاتٌ أَشْهَرُهُنَّ السِّتُّ صَفِيَّةُ خَاتُونَ زَوْجَةُ الظَّاهِرِ غَازِيٍّ صَاحِبِ حَلَبَ وَأُمُّ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ وَالِدِ النَّاصِرِ يُوسُفَ الَّذِي مَلَكَ دمشق، وإليه تنسب الناصريتان إحداهما بدمشق والأخرى بالسفح وهو الّذي قتله هلاكو كَمَا سَيَأْتِي.

صِفَةُ أَخْذِ الْفِرِنْجِ دِمْيَاطَ

لَمَّا اشتهر الخبر بموت العادل ووصل إلى ابنه الكامل وهو بثفر دمياط مرابط الفرنج، أضعف ذلك أعضاء الْمُسْلِمِينَ وَفَشِلُوا، ثُمَّ بَلَغَ الْكَامِلَ خَبَرٌ آخَرُ أن الأمير ابن الْمَشْطُوبِ وَكَانَ أَكْبَرَ أَمِيرٍ بِمِصْرَ، قَدْ أَرَادَ أَنْ يُبَايِعَ لِلْفَائِزِ عِوَضًا عَنِ الْكَامِلِ، فَسَاقَ وحده جريدة فدخل مصر ليستدرك هَذَا الْخَطْبِ الْجَسِيمِ، فَلَمَّا فَقَدَهُ الْجَيْشُ مِنْ بَيْنِهِمُ انْحَلَّ نِظَامُهُمْ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أمر أكبر من موت العادل، فَرَكِبُوا وَرَاءَهُ فَدَخَلَتِ الْفِرِنْجُ بِأَمَانٍ إِلَى الدِّيَارِ المصرية، واستحوذوا على معسكر الكامل وأثقاله، فوقع خبط عظيم جدا، وذلك تقدير العزيز العليم، فلما دخل الكامل مصر لم يقع مما ظنه شيء، وإنما هي خديعة من الفرنج، وَهَرَبَ مِنْهُ ابْنُ الْمَشْطُوبِ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ رَكِبَ مِنْ فَوْرِهِ فِي الْجَيْشِ إِلَى الْفِرِنْجِ فإذا الأمر قد تزايد، وتمكنوا من البلدان وقتلوا خلقا وغنموا كثيرا، وعاثت الأعراب التي هنالك على أموال الناس، فكانوا أضر عليهم من الفرنج، فنزل الكامل تجاه الفرنج يمانعهم عن دخولهم إلى القاهرة بَعْدَ أَنْ كَانَ يُمَانِعُهُمْ عَنْ دُخُولِ الثَّغْرِ، وكتب إلى إخوانه يستحثهم ويستنجدهم ويقول الوحا الوحا العجل العجل، أدركوا المسلمين قبل تملك الفرنج جميع أرض مصر.

فأقبلت العساكر الإسلامية إليه مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عليه أخوه الأشرف بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ، ثُمَّ الْمُعَظَّمُ وَكَانَ مِنْ أمرهم مع الفرنج ما سنذكره بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِيهَا وَلِيَ حِسْبَةَ بَغْدَادَ الصاحب محيي الدين يوسف بن أبى الفرج ابن الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَعْمَلُ مِيعَادَ الْوَعْظِ على قاعدة أبيه، وشكر في مُبَاشَرَتُهُ لِلْحِسْبَةِ. وَفِيهَا فُوِّضَ إِلَى الْمُعَظَّمِ النَّظَرُ فِي التُّرْبَةِ الْبَدْرِيَّةِ تُجَاهَ الشِّبْلِيَّةِ عِنْدَ الْجِسْرِ الّذي على ثور، وَيُقَالُ لَهُ جِسْرُ كُحَيْلٍ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>