للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ صَابِرٍ الْحَرَّانِيُّ

ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ الْمَنْجَنِيقِيُّ، كَانَ فَاضِلًا فِي فَنِّهِ، وَشَاعِرًا مُطَبِّقًا لَطِيفَ الشِّعْرِ حَسَنَ الْمَعَانِي، قَدْ أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ السَّاعِي قِطْعَةً صَالِحَةً، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا أَوْرَدَ لَهُ قَصِيدَةٌ فِيهَا تَعْزِيَةٌ عَظِيمَةٌ لجميع الناس وهي:

هل لمن يرتحى الْبَقَاءَ خُلُودُ ... وَسِوَى اللَّهِ كُلُّ شَيْءٍ يَبِيدُ

والّذي كان من تراب وإن ... عاش طَوِيلًا لِلتُّرَابِ يَعُودُ

فَمَصِيرُ الْأَنَامِ طُرًّا إِلَى مَا ... صَارَ فِيهِ آبَاؤُهُمْ وَالْجُدُودُ

أَيْنَ حَوَّاءُ أين آدم إذ فاتهم ... الْخُلْدُ وَالثَّوَى وَالْخُلُودُ؟

أَيْنَ هَابِيلُ أَيْنَ قَابِيلُ إِذْ هَـ ... ذَا لِهَذَا مُعَانِدٌ وَحَسُودُ؟

أَيْنَ نوح ومن نجا معه بالفلك ... والعالمون طرا فقيد

أسلمته الأيام كالطفل للموت ... وَلَمْ يُغْنِ عُمْرُهُ الْمَمْدُودُ

أَيْنَ عَادٌ؟ بَلْ أَيْنَ جَنَّةُ عَادٍ ... أَمْ تُرَى أَيْنَ صَالِحٌ وَثَمُودُ؟

أَيْنَ إِبْرَاهِيمُ الَّذِي شَادَ بَيْتَ ... اللَّهِ فهو المعظم المقصود

حسدوا يوسفا أخاهم فكادوه ... ومات الحاسد والمحسود

وسليمان في النبوة والملك ... قَضَى مِثْلَ مَا قَضَى دَاوُدُ

فَغَدَوْا بَعْدَ ما أطيع لذا الخلق ... وَهَذَا لَهُ أُلِينَ الْحَدِيدُ

وَابْنُ عِمْرَانَ بَعْدَ آياته التسع ... وَشَقِّ الْخِضَمِّ فَهْوُ صَعِيدُ

وَالْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَهْوَ رُوحُ اللَّهِ ... كَادَتْ تَقْضِي عَلَيْهِ الْيَهُودُ

وقضى سيد النبيين والهادي ... إِلَى الْحَقِّ أَحْمَدُ الْمَحْمُودُ

وَبَنُوهُ وَآلُهُ الطَّاهِرُونَ ... الزهر صَلَّى عَلَيْهِمُ الْمَعْبُودُ

وَنُجُومُ السَّمَاءِ مُنْتَثِرَاتٌ ... بَعْدَ حِينٍ وَلِلْهَوَاءِ رُكُودُ

وَلِنَارِ الدُّنْيَا الَّتِي تُوقِدُ الصخر ... خمود وللماء جمود

وكذا للثرى غداة يؤم الناس ... مِنْهَا تَزَلْزُلٌ وَهُمُودُ

هَذِهِ الْأُمَّهَاتُ نَارٌ وَتُرْبٌ ... وَهَوَاءٌ رَطْبٌ وَمَاءٌ بَرُودُ

سَوْفَ يَفْنَى كَمَا فنينا فلا ... يبقى مِنَ الْخَلْقِ وَالِدٌ وَوَلِيدُ

لَا الشَّقِيُّ الْغَوِيُّ من نوب الأيام ... يَنْجُو وَلَا السَّعِيدُ الرَّشِيدُ

وَمَتَى سَلَّتِ الْمَنَايَا سيوفا ... فالموالى حصيدها والعبيد

<<  <  ج: ص:  >  >>