للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدِهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَانَ هُوَ أَوَّلَ مَنْ دَرَّسَ بِهَا ثُمَّ وَلَدُهُ كَمَالُ الدِّينِ مِنْ بَعْدِهِ، وَجَعَلَ نَظَرَهَا إِلَى وَجِيهِ الدِّينِ بْنِ سُوَيْدٍ، ثُمَّ صَارَ فِي ذُرِّيَّتِهِ إِلَى الْآنَ. وَقَدْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ الْقَاضِي شمس الدين ابن الصَّائِغِ ثُمَّ انْتُزِعَ مِنْهُ حَيْثُ أَثْبَتَ لَهُمُ النظر، وقد أوقف البادرائي عَلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْقَافًا حَسَنَةً دَارَّةً، وَجَعَلَ فِيهَا خِزَانَةَ كُتُبٍ حَسَنَةً نَافِعَةً، وَقَدْ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَوَلِيَ بِهَا قَضَاءَ الْقُضَاةِ كَرْهًا مِنْهُ، فَأَقَامَ فِيهِ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ. وَدُفِنَ بِالشُّونِيزِيَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَعْدَ مَوْتِ البادرائي بِأَيَّامٍ قَلَائِلَ نَزَلَتِ التَّتَارُ عَلَى بَغْدَادَ مُقَدِّمَةً لملكهم هولاكو بن تولى بن جنكيزخان عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ افْتِتَاحُهُمْ لَهَا وَجِنَايَتُهُمْ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْآتِيَةِ عَلَى مَا سيأتي بيانه وتفصيله- وباللَّه المستعان.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

البادرائي واقف البادرائية التي بدمشق كما تقدم بيانه رحمه الله تعالى.

وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ

الْيَلْدَانِيُّ بِهَا فِي ثَامِنِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ودفن فيها، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُشْتَغِلًا بِالْحَدِيثِ سَمَاعًا وَكِتَابَةً وَإِسْمَاعًا، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَلَهُ نَحْوُ مِائَةِ سَنَةٍ. قُلْتُ: وَأَكْثَرُ كُتُبِهِ وَمَجَامِيعِهِ الَّتِي بِخَطِّهِ مَوْقُوفَةٌ بِخِزَانَةِ الْفَاضِلِيَّةِ مِنَ الْكَلَّاسَةِ، وَقَدْ رَأَى فِي الْمَنَامِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا رَجُلٌ جَيِّدٌ؟

قَالَ: بَلَى أَنْتَ رَجُلٌ جَيِّدٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.

الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيُّ، وَكَانَ شَيْخًا فاضلا متقنا محققا للبحث كَثِيرَ الْحَجِّ، لَهُ مَكَانَةٌ عِنْدَ الْأَكَابِرِ، وَقَدِ اقْتَنَى كُتُبًا كَثِيرَةً، وَكَانَ أَكْثَرُ مُقَامِهِ بِالْحِجَازِ، وَحَيْثُ حَلَّ عَظَّمَهُ رُؤَسَاءُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَكَانَ مُقْتَصِدًا فِي أُمُورِهِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ بالذعقة بَيْنَ الْعَرِيشِ وَالدَّارُومِ فِي مُنْتَصَفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ من هذه السنة رحمه الله.

الْمُشِدُّ الشَّاعِرُ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ

عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَزَلَ مُشِدُّ الدِّيوَانِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ شَاعِرًا مُطَبِّقًا لَهُ دِيوَانٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَأَنْشَدَهُ:

نُقِلْتُ إِلَى رَمْسِ الْقُبُورِ وَضِيقِهَا ... وَخَوْفِي ذُنُوبِي أَنَّهَا بِي تُعَثِّرُ

فَصَادَفْتُ رَحْمَانًا رَءُوفًا وَأَنْعُمًا ... حباني بها سقيا لِمَا كُنْتُ أَحْذَرُ

وَمَنْ كَانَ حُسْنُ الظَّنِّ فِي حَالِ مَوْتِهِ ... جَمِيلًا بِعَفْوِ اللَّهِ فَالْعَفْوُ أجدر

<<  <  ج: ص:  >  >>