للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه وزيرا وَجَعَلَ تَدْبِيرَ الْعَسَاكِرِ وَالْجُيُوشِ إِلَى الْأَمِيرِ بَدْرِ الدين بيليك الخازندار، ثم ساروا فدخلوا دمشق يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَصَلَّيَا الْجُمُعَةَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَ دُخُولُ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَابِ الْبَرِيدِ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ مِنْ باب الزيارة. وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا أَيْضًا، ثُمَّ جَهَّزَ السُّلْطَانُ الخليفة إلى بغداد ومعه أَوْلَادَ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنِ اسْتَقَلَّ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ الَّذِينَ يَرُدُّونَ عَنْهُ مَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ مِنَ الذَّهَبِ الْعَيْنِ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَطْلَقَ لَهُ وَزَادَهُ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَقَدِمَ إِلَيْهِ صَاحِبُ حِمْصَ الْمَلِكُ الْأَشْرَفُ فَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ لَهُ وَزَادَهُ تَلَّ بَاشِرٍ، وَقَدِمَ صَاحِبُ حَمَاةَ الْمَنْصُورُ فَخَلَعَ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ لَهُ وَكَتَبَ لَهُ تَقْلِيدًا بِبِلَادِهِ، ثُمَّ جَهَّزَ جَيْشًا صُحْبَةَ الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ البندقداري إلى حلب لمحاربة التركي المتغلب عليها المفسد فيها. وَهَذَا كُلُّ مَا بَلَغَنَا مِنْ وَقَائِعِ هَذِهِ السَّنَةِ مُلَخَّصًا

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ

فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ قُتِلَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْصِرُ باللَّه الَّذِي بُويِعَ لَهُ فِي رَجَبٍ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِمِصْرَ، وَكَانَ قتله بأرض العراق بَعْدَ مَا هُزِمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الجنود ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، ٢: ١٥٦ وَاسْتَقَلَّ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ بِجَمِيعِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَصَفَتْ لَهُ الْأُمُورُ، وَلَمْ يبق له منازع سوى التركي فإنه ذهب إلى المنيرة فاستحوذ عليها وَعَصَى عَلَيْهِ هُنَالِكَ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ بِبِلَادِ مِصْرَ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَرَاءِ وَالْحَاشِيَةِ وعلى الوزير وعلى القاضي تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ وَعَزَلَ عَنْهَا بُرْهَانَ الدِّينِ السِّنْجَارِيَّ، وَفِي أَوَاخِرِ الْمُحَرَّمِ أَعْرَسَ الأمير بدر الدين بيليك الخازندار عَلَى بِنْتِ الْأَمِيرِ لُؤْلُؤٍ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَاحْتَفَلَ الظَّاهِرُ بِهَذَا الْعُرْسِ احْتِفَالًا بَالِغًا قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اصْطَادَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الظاهر بحدود حماة حِمَارَ وَحْشٍ فَطَبَخُوهُ فَلَمْ يَنْضَجْ وَلَا أَثَّرَ فيه كثرة الوقود، ثم افتقدوا جلده فإذا هو مرسوم عَلَى أُذُنِهِ بَهْرَامُ جَوْرَ، قَالَ: وَقَدْ أَحْضَرُوهُ إِلَيَّ فَقَرَأْتُهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ لِهَذَا الْحِمَارِ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِمِائَةِ سَنَةٍ، فَإِنَّ بَهْرَامَ جُورَ كَانَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِمُدَّةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ تَعِيشُ دَهْرًا طَوِيلًا، قُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَهْرَامَ شَاهِ الْمَلِكَ الْأَمْجَدَ، إِذْ يَبْعُدُ بَقَاءُ مِثْلِ هَذَا بِلَا اصْطِيَادٍ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَيَكُونُ الْكَاتِبُ قَدْ أَخْطَأَ فَأَرَادَ كِتَابَةَ بَهْرَامَ شَاهْ فَكَتَبَ بَهْرَامَ جُورَ فَحَصَلَ اللَّبْسُ مِنْ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ذِكْرُ بَيْعَةِ الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ

فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ دَخَلَ الْخَلِيفَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَمِيرِ أَبِي عَلَىٍّ الْقُبِّيِّ بْنِ الْأَمِيرِ عَلِيِّ بْنِ الْأَمِيرِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْإِمَامِ الْمُسْتَرْشِدِ باللَّه بْنِ الْمُسْتَظْهِرِ باللَّه أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ مِنْ بِلَادِ الشَّرْقِ وَصُحْبَتُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَقَدْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ صُحْبَةَ الْمُسْتَنْصِرِ، وَهَرَبَ هُوَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَعْرَكَةِ فَسَلِمَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ دُخُولِهِ تَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ الظَّاهِرُ وَأَظْهَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>