للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرطل بستة أو سبعة. وَحَصَلَ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنَ التَّتَارِ فَتَجَهَّزَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى مصر، وبيعت الغلات حتى حواصل القلعة والأمراء، ورسم أولياء الْأُمُورِ عَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ أَنْ يُسَافِرَ من دمشق إلى بلاد مصر، ووقعت رجفة عظيمة في الشام وفي بلاد الروم، وَيُقَالُ إِنَّهُ حَصَلَ لِبِلَادِ التَّتَرِ خَوْفٌ شَدِيدٌ أيضا، فسبحان الفعال لما يريد وبيده الْأَمْرُ. وَكَانَ الْآمِرَ لِأَهْلِ دِمَشْقَ بِالتَّحَوُّلِ مِنْهَا إِلَى مِصْرَ نَائِبُهَا الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ طَيْبَرْسُ الْوَزِيرِيُّ، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فأمسكه وعزله واستناب عليها بهاء الدين النَّجِيبِيَّ، وَاسْتَوْزَرَ بِدِمَشْقَ عِزَّ الدِّينِ بْنَ وَدَاعَةَ.

وفيها نزل ابن خلكان عن تدريس الركنية لأبى شَامَةَ وَحَضَرَ عِنْدَهُ حِينَ دَرَّسَ وَأَخَذَ فِي أول مختصر المزني.

[وفيها توفى من الأعيان]

الخليفة المستنصر بْنُ الظَّاهِرِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ

الَّذِي بَايَعَهُ الظاهر بمصر كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي ثَالِثِ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا بَطَلًا فاتكا، وقد أنفق الظاهر عَلَيْهِ حَتَّى أَقَامَ لَهُ جَيْشًا بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَزْيَدَ، وَسَارَ فِي خِدْمَتِهِ وَمَعَهُ خَلْقٌ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ وَأَوْلَادِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى الظَّاهِرِ فَأَرْسَلَهُ صُحْبَةَ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْوَقْعَةُ فُقِدَ الْمُسْتَنْصِرُ وَرَجَعَ الصَّالِحُ إِلَى بِلَادِهِ فَجَاءَتْهُ التَّتَارُ فَحَاصَرُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَتَلُوهُ وَخَرَّبُوا بلاده وقتلوا أهلها، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. ٢: ١٥٦

الْعِزُّ الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ اللُّغَوِيُّ

وَاسْمُهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَجَا مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ وَنَشَأَ بِإِرْبِلَ فَاشْتَغَلَ بِعُلُومٍ كَثِيرَةٍ مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ، وَكَانَ يَشْتَغِلُ عَلَيْهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُهُمْ، وَنُسِبَ إِلَى الِانْحِلَالِ وَقِلَّةِ الدِّينِ، وَتَرْكِ الصَّلَوَاتِ، وَكَانَ ذَكِيًّا، وَلَيْسَ بِذَكِيٍّ، عَالِمَ اللِّسَانِ جَاهِلَ الْقَلْبِ، ذَكِيَّ القول خبيث الفعل، وله شعر أَوْرَدَ مِنْهُ الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ قِطْعَةً فِي ترجمته، وهو شَبِيهٌ بِأَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ قَبَّحَهُمَا اللَّهُ.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بن القاسم بن الحسن بن محمد المهذب، الشيخ عز الدين بن عبد السلام أَبُو مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ شَيْخُ الْمَذْهَبِ ومفيد أهله، وله مُصَنَّفَاتٍ حِسَانٍ، مِنْهَا التَّفْسِيرُ، وَاخْتِصَارُ النِّهَايَةِ، وَالْقَوَاعِدُ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، وَكِتَابُ الصَّلَاةِ وَالْفَتَاوَى الْمَوْصِلِيَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ كَثِيرًا وَاشْتَغَلَ عَلَى فَخْرِ الدِّينِ بن عساكر وغيره وبرع في المذهب، وجمع علوما كَثِيرَةٍ، وَأَفَادَ الطَّلَبَةَ وَدَرَّسَ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ بِدِمَشْقَ، وولى خطابتها ثم سافر إلى مصر ودرس بها وخطب وحكم، وانتهت إليه رئاسة الشافية، وَقُصِدَ بِالْفَتَاوَى مِنَ الْآفَاقِ، وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا يستشهد بالاشعار، وكان سبب خروجه من الشام إنكاره على الصالح

<<  <  ج: ص:  >  >>