مِنْ نَوْمٍ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَهُوَ يَقُولُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ تِسْعِينَ) قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ. وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ وُهَيْبٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ) . فَالْجَوَابُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى فَتْحِ أَبْوَابِ الشَّرِّ وَالْفِتَنِ وَأَنَّ هَذَا اسْتِعَارَةٌ مَحْضَةٌ وَضَرْبُ مَثَلٍ فَلَا إِشْكَالَ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ فَلَا إِشْكَالَ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) ١٨: ٩٧ أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِأَنَّ هَذِهِ صِيغَةُ خَبَرٍ مَاضٍ فَلَا يَنْفِي وُقُوعَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدَرًا وَتَسْلِيطَهُمْ عَلَيْهِ بِالتَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ وينقضي الأمر الْمَقْدُورُ فَيَخْرُجُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ٢١: ٩٦ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ الْآخَرَ أَشْكَلُ مِنْ هَذَا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَائِلًا حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَأَشَدِّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَسْتَثْنِي فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كهيئة يوم تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه وتتحصن الناس فِي حُصُونِهِمْ فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ فَيَقُولُونَ قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الْأَرْضِ لتسمن وتشكر شُكْرًا مِنْ لُحُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عن حسن بن موسى عن سفيان عَنْ قَتَادَةَ بِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ إِلَّا أَنَّهُ قال حديث أَبُو رَافِعٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كُلَّ يَوْمٍ يلحسونه حتى يكادوا ينذرون شُعَاعَ الشَّمْسِ مِنْ وَرَائِهِ لِرِقَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَفْعُ هَذَا الْحَدِيثِ مَحْفُوظًا وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فقد استرحنا من المؤنة وَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّ ضيعهم هَذَا يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ اقْتِرَابِ خُرُوجِهِمْ كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) ١٨: ٩٧ أَيْ نَافِذًا مِنْهُ فَلَا يَنْفِي أَنْ يَلْحَسُوهُ وَلَا يَنْفُذُوهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عن أبى هريرة فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ تِسْعِينَ أَيْ فُتِحَ فَتْحًا نَافِذًا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4