للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوضا عن ناصر الدين ابن الْمَقْدِسِيِّ، وَفِيهِ دَرَّسَ كَمَالُ الدِّينِ الطَّبِيبُ بِالْمَدْرَسَةِ الدَّخْوَارِيَّةِ الطِّبِّيَّةِ، وَفِي هَذَا الشَّهْرِ دَرَّسَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْخَبَّازِيُّ بِالْخَاتُونِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَجَمَالُ الدِّينِ بن الناصر بقي بالفتحية، وَبُرْهَانُ الدِّينِ الْإِسْكَنْدَرِيُّ بِالْقُوصِيَّةِ الَّتِي بِالْجَامِعِ، وَالشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ بِالشَّرِيفِيَّةِ عِنْدَ حَارَةِ الْغُرَبَاءِ. وَفِيهَا أُعِيدَتِ النَّاصِرِيَّةُ إِلَى الْفَارِقِيِّ وَفِيهِ دَرَّسَ بالأمينية القاضي نجم الدين ابن صَصْرَى بَعْدَ ابْنِ الزَّمَلْكَانِيِّ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ الْعَادِلِيَّةُ الصغيرة لكمال الدين ابن الزملكانى.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

أَرْغُوَنُ بْنُ أبغا ملك التتار

كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ، قَتَلَ عَمَّهُ السُّلْطَانَ أَحْمَدَ بْنَ هُولَاكُو، فَعَظُمَ فِي أَعْيُنِ الْمَغُولِ فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ مِنْ شَرَابٍ شَرِبَهُ فِيهِ سُمٌّ، فَاتَّهَمَتِ الْمَغُولُ اليهود به- وكان وزيره سعد الدولة ابن الصفي يَهُودِيًّا- فَقَتَلُوا مِنَ الْيَهُودِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَنَهَبُوا مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً جِدًّا فِي جَمِيعِ مَدَائِنِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يُقِيمُونَهُ بَعْدَهُ، فَمَالَتْ طَائِفَةٌ إِلَى كَيْخَتُو فَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمَمْلَكَةِ، فَبَقِيَ مُدَّةً، قِيلَ سَنَةً وَقِيلَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَتَلُوهُ وَمَلَّكُوا بَعْدَهُ بَيْدَرَا. وَجَاءَ الْخَبَرُ بِوَفَاةِ أَرْغُوَنَ إِلَى الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ عَكَّا فَفَرِحَ بِذَلِكَ كَثِيرًا، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِ أَرْغُوَنَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَقَدْ وَصَفَهُ بَعْضُ مُؤَرِّخِي الْعِرَاقِ بِالْعَدْلِ وَالسِّيَاسَةِ الْجَيِّدَةِ.

الْمُسْنِدُ الْمُعَمَّرُ الرحالة

فخر الدين بن النجار وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عبد الواحد المقدسي الحنبلي المعروف بابن النجار، ولد في سلخ أو مستهل سنة ست وسبعين وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَرَحَلَ مَعَ أَهْلِهِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا زَاهِدًا وَرِعًا نَاسِكًا، تَفَرَّدَ بِرِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ لِطُولِ عُمْرِهِ، وَخَرَجَتْ لَهُ مَشْيَخَاتٌ وَسَمِعَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ، وَكَانَ مَنْصُوبًا لِذَلِكَ حَتَّى كَبُرَ وَأَسَنَّ وَضَعُفَ عَنِ الْحَرَكَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، مِنْهُ قَوْلُهُ:

تَكَرَّرَتِ السِّنُونُ عَلَيَّ حَتَّى ... بَلِيتُ وَصِرْتُ مِنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ

وَقَلَّ النَّفْعُ عِنْدِي غَيْرَ أَنِّي ... أَعلِّلُ بِالرِّوَايَةِ وَالسَّمَاعِ

فَإِنْ يَكُ خَالِصًا فَلَهُ جَزَاءٌ ... وَإِنْ يَكُ مَالِقًا فَإِلَى ضَيَاعِ

وَلَهُ أَيْضًا:

إِلَيْكَ اعْتِذَارِي مِنْ صَلَاتِي قَاعِدًا ... وَعَجْزِي عَنْ سعى إِلَى الْجُمُعَاتِ

وَتَرْكِي صَلَاةَ الْفَرْضِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ ... تَجَمَّعَ فِيهِ النَّاسُ لِلصَّلَوَاتِ

فَيَا رَبُّ لَا تَمْقُتْ صَلَاتِي وَنَجِّنِي ... مِنَ النَّارِ وَاصْفَحْ لِي عَنِ الْهَفَوَاتِ

تُوُفِّيَ ضُحَى نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ أَحْمَدَ بن عبد الواحد بسفح قاسيون.

<<  <  ج: ص:  >  >>