للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحَرَّمَاتِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَكْتُوبًا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي تَعْبِيرِ الْمَنَامَاتِ وَلَا في غيرها بما لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ بعينه راح الشيخ تقى الدين بن تيمية إلى مسجد التاريخ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ وَمَعَهُمْ حَجَّارُونَ بِقَطْعِ صَخْرَةٍ كَانَتْ هُنَاكَ بِنَهْرِ قَلُوطٍ تُزَارُ وَيُنْذَرُ لَهَا، فَقَطَعَهَا وَأَرَاحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا وَمِنَ الشِّرْكِ بِهَا، فَأَزَاحَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ شُبْهَةً كَانَ شَرُّهَا عَظِيمًا، [وَبِهَذَا وَأَمْثَالِهِ حَسَدُوهُ وَأَبْرَزُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ، وَكَذَلِكَ بِكَلَامِهِ بابن عَرَبِيٍّ وَأَتْبَاعِهِ، فَحُسِدَ عَلَى ذَلِكَ وَعُودِيَ، وَمَعَ هَذَا لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا بَالَى، وَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بِمَكْرُوهٍ، وَأَكْثَرُ مَا نَالُوا مِنْهُ الْحَبْسُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي بَحْثٍ لَا بِمِصْرَ وَلَا بِالشَّامِ، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ لَهُمْ عَلَيْهِ مَا يَشِينُ وَإِنَّمَا أَخَذُوهُ وَحَبَسُوهُ بِالْجَاهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَى اللَّهِ إِيَابُ الْخَلْقِ وَعَلَيْهِ حِسَابُهُمْ] [١] . وَفِي رَجَبٍ جَلَسَ قَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ صَصْرَى بِالْمَدْرَسَةِ العادلية الكبيرة وعملت التخوت بعد ما جُدِّدَتْ عِمَارَةُ الْمَدْرَسَةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَحْكُمُ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ قَازَانَ بِسَبَبِ خَرَابِهَا، وَجَاءَ الْمَرْسُومُ لِلشَّيْخِ بُرْهَانِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ بِوَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَلِلشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ بِنَظَرِ الْخِزَانَةِ فَقَبِلَ وَخُلِعَ عَلَيْهِ بِطَرْحَةٍ، وَحَضَرَ بِهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَاتَانِ الْوَظِيفَتَانِ كَانَتَا مَعَ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ تُوُفِّيَ إلى رحمة الله. وَفِي شَعْبَانَ سَعَى جَمَاعَةٌ فِي تَبْطِيلِ الْوَقِيدِ لَيْلَةَ النِّصْفِ وَأَخَذُوا خُطُوطَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَتَكَلَّمُوا مَعَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ فَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ، بَلْ أَشْعَلُوا وَصُلِّيَتْ صَلَاةُ لَيْلَةِ النِّصْفِ أَيْضًا. وَفِي خَامِسِ رَمَضَانَ وَصَلَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ مِنْ مِصْرَ بِوَكَالَةِ بَيْتِ الْمَالِ، ولبس الخلعة سابع رمضان، وحضر عند ابْنُ صَصْرَى بِالشُّبَّاكِ الْكَمَالِيِّ.

وَفِي سَابِعِ شَوَّالٍ عُزِلَ وَزِيرُ مِصْرَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِيِّ وَقُطِعَ إِقْطَاعُهُ وَرُسِمَ عَلَيْهِ وَعُوقِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَتَوَلَّى الْوِزَارَةَ سَعْدُ الدين محمد بن محمد بن عطاء وَخُلِعَ عَلَيْهِ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ حَكَمَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ بِقَتْلِ الشَّمْسِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمَالِ الدين بن عبد الرحمن الباجريقي، وَإِرَاقَةِ دَمِهِ وَإِنْ تَابَ وَإِنْ أَسْلَمَ، بَعْدَ إثبات محضر عليه يتضمن كفر الباجريقي المذكور، وكان ممن شهد فيه عليه الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ التُّونِسِيُّ النَّحْوِيُّ الشَّافِعِيُّ، فَهَرَبَ الباجريقي إِلَى بِلَادِ الشَّرْقِ فَمَكَثَ بِهَا مُدَّةَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ كَانَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي الصَّيْدِ فَقَصَدَهُمْ فِي اللَّيْلِ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَاتَلَهُمُ الْأُمَرَاءُ فَقَتَلُوا مِنَ الْعَرَبِ نَحْوَ النِّصْفِ، وَتَوَغَّلَ فِي الْعَرَبِ أَمِيرٌ يُقَالُ لَهُ سيف الدين بهادر تمر احْتِقَارًا بِالْعَرَبِ، فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِرُمْحٍ فَقَتَلَهُ، فَكَرَّتِ الْأُمَرَاءُ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا أَيْضًا، وَأَخَذُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ فَصُلِبَ تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَدُفِنَ الْأَمِيرُ الْمَذْكُورُ بِقَبْرِ السِّتِّ. وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ شمس الدين بن النقيب وجماعة من العلماء في الفتاوى الصادرة من الشيخ


[١] سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>