للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ بباب الصغير رحمه الله.

[الشيخ الصالح الزاهد المقري]

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْخَطِيبِ سَلَامَةَ بْنِ سَالِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ يَنْبُوبَ الْمَالِينِيُّ، أَحَدُ الصُّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَأَقْرَأَ النَّاسَ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ يُفَصِّحُ الْأَوْلَادَ فِي الْحُرُوفِ الصَّعْبَةِ، وَكَانَ مُبْتَلَى فِي فَمِهِ يَحْمِلُ طَاسَةً تَحْتَ فَمِهِ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَسِيلُ مِنْهُ مِنَ الرِّيَالِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، تُوُفِّيَ بِالْمَدْرَسَةِ الصارمية يوم الأحد ثانى عشر ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ بِالْقُرْبِ مِنَ القندلاوى، وحضر جنازته خلق كثير جدا نحوا مَنْ عَشَرَةِ آلَافٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

الشَّيْخُ الصدر بْنُ الْوَكِيلِ

هُوَ الْعَلَّامَةُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ مُفْتِي الْمُسْلِمِينَ زَيْنِ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ مَكِّيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُرَحِّلِ وَبِابْنِ الْوَكِيلِ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ، وَأَشْهُرُهُمْ فِي وَقْتِهِ بِالْفَضِيلَةِ وَكَثْرَةِ الاشتغال والمطالعة والتحصيل والاقتنان بالعلوم الْعَدِيدَةِ، وَقَدْ أَجَادَ مَعْرِفَةَ الْمَذْهَبِ وَالْأَصْلَيْنِ، وَلَمْ يكن بالنحو بذاك القوى، وكان يَقَعُ مِنْهُ اللَّحْنُ الْكَثِيرُ، مَعَ أَنَّهُ قَرَأَ منه الْمُفَصَّلَ لِلزَّمَخْشَرِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ مَحْفُوظَاتٌ كَثِيرَةٌ، وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الحديث على المشايخ، من ذلك مسند أحمد على ابن علان، والكتب السِّتَّةُ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ قِطْعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَدِيثِ عَنِ الْأَمِيرِ الْإِرْبِلِيِّ وَالْعَامِرِيِّ وَالْمِزِّيِّ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْحَدِيثِ بِكَلَامٍ مَجْمُوعٍ مِنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ، مِنَ الطِّبِّ وَالْفَلْسَفَةِ وَعِلْمِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلْمٍ، وَعُلُومِ الْأَوَائِلِ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ جَيِّدًا، وَلَهُ دِيوَانٌ مَجْمُوعٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَشْيَاءَ لَطِيفَةٍ، وَكَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَحْسُدُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ، وَآخَرُونَ يَحْسُدُونَهُ وَيُبْغِضُونَهُ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ بِأَشْيَاءَ وَيَرْمُونَهُ بِالْعَظَائِمِ، وَقَدْ كَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ قَدْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فِيمَا يَتَعَاطَاهُ مِنَ الْقَاذُورَاتِ وَالْفَوَاحِشِ، وَكَانَ يَنْصِبُ الْعَدَاوَةَ لِلشَّيْخِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَيُنَاظِرُهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَحَافِلِ وَالْمَجَالِسِ، وَكَانَ يَعْتَرِفُ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بِالْعُلُومِ الْبَاهِرَةِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُجَاحِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ وَنَاحِيَتِهِ وَهَوَاهُ، وَيُنَافِحُ عَنْ طَائِفَتِهِ.

وَقَدْ كَانَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ يُثْنِي عَلَيْهِ وَعَلَى عُلُومِهِ وَفَضَائِلِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ إِذَا قِيلَ لَهُ عَنْ أَفْعَالِهِ وَأَعْمَالِهِ الْقَبِيحَةِ، وَكَانَ يَقُولُ: كَانَ مُخَلِّطًا عَلَى نَفْسِهِ مُتَّبِعًا مُرَادَ الشَّيْطَانِ مِنْهُ، يَمِيلُ إِلَى الشَّهْوَةِ وَالْمُحَاضَرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ كَمَا يَقُولُ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ يَحْسُدُهُ وَيَتَكَلَّمُ فِيهِ هَذَا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ. وَقَدْ درس بعدة مدارس بمصر والشام، ودرس بِدِمَشْقَ بِالشَّامِيَّتَيْنِ وَالْعَذْرَاوِيَّةِ وَدَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَوَلِيَ فِي وَقْتٍ الْخَطَابَةَ أَيَّامًا يَسِيرَةً كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَامَ الْخَلْقُ عَلَيْهِ وَأَخْرَجُوهَا مِنْ يَدِهِ، وَلَمْ يَرْقَ مِنْبَرَهَا، ثُمَّ خَالَطَ نَائِبَ السَّلْطَنَةِ الأفرم فجرت له أمور لا يمكن ذكرها ولا يحسبن من القبائح

<<  <  ج: ص:  >  >>