للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ عَاشِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الْمُحَدِّثُ تَقِيُّ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ صَدْرِ الدِّينِ سُلَيْمَانَ الْجَعْبَرِيُّ زَوْجُ بِنْتِ الشَّيْخِ جَمَالِ الدين المزي، والد شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَمَالِ الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ فَقِيهًا بِالْمَدَارِسِ، وَشَاهِدًا تَحْتَ السَّاعَاتِ وَغَيْرِهَا، وَعِنْدَهُ فَضِيلَةٌ جَيِّدَةٌ فِي قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَشَيْءٌ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَهُ نَظْمٌ مُسْتَحْسَنٌ، انْقَطَعَ يَوْمَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ وَتُوُفِّيَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ وَقْتَ الْعَشَاءِ الْآخِرَةِ لَيْلَتَئِذٍ، وَحَدَّثَنِي وَضَاحَكَنِي، وَكَانَ خَفِيفَ الرُّوحِ رحمه الله، ثُمَّ تُوُفِّيَ فِي بَقِيَّةِ لَيْلَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ أَشْهَدَنِي عَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى تَرْكِ الشُّهُودِ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ، صُلِّيَ عَلَيْهِ ظُهْرَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ عِنْدَ أَبَوَيْهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَانِيَ عِشْرِينَ شَهْرِ رَجَبٍ خَطَبَ الْقَاضِي عِمَادُ الدين بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ بِجَامِعِ تَنْكِزَ خَارِجَ بَابِ النَّصْرِ عَنْ نُزُولِ الشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ عَلِيِّ بن داود القفجارى لَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَيْضًا نَائِبِ السَّلْطَنَةِ الْأَمِيرِ سيف الدين تغردمر وَحُضُورِهِ عِنْدَهُ فِي الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ يَوْمَئِذٍ.

وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَاسِعِ عِشْرِينَ رَجَبٍ تُوُفِّيَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْعَالِمُ جَلَالُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ حُسَامِ الدِّينِ الرُّومِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، وَحَضَرَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ وَدُفِنَ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا إِلَى جَانِبِ الزَّرْدَكَاشِ قَرِيبًا مِنَ الْخَاتُونِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ قَضَاءَ قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي أيام ولاية أبيه الديار الْمِصْرِيَّةِ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وقدم الشَّامَ مَعَ أَبِيهِ فَأَقَامُوا بِهَا، ثُمَّ لَمَّا وَلِيَ الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ لَاجِينُ وَلَّى أَبَاهُ قَضَاءَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَوَلَدَهُ هَذَا قَضَاءَ الشَّامِ، ثُمَّ إِنَّهُ عُزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ثَلَاثِ مَدَارِسَ مِنْ خِيَارِ مَدَارِسِ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ صَمَمٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ مُمَتَّعًا بحواسه سواه وقواه، وكان يذاكر في العلم وغير ذلك.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ القفجارى خَطِيبُ جَامِعِ تَنْكِزَ، وَمُدَرِّسُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَقَدْ نَزَلَ عَنْهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيلٍ لِلْقَاضِي عِمَادِ الدِّينِ بْنِ الْعِزِّ الْحَنَفِيِّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَئِذٍ، وَعِنْدَ بَابِ النَّصْرِ وَعِنْدَ جَامِعِ جَرَّاحٍ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ ابْنِ الشَّيْرَجِيِّ عِنْدَ وَالِدِهِ، وَحَضَرَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَكَانَ أُسْتَاذًا فِي النَّحْوِ وَلَهُ عُلُومٌ أُخَرُ، لَكِنْ كَانَ نِهَايَةً فِي النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ.

وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْعَابِدُ النَّاسِكُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الضَّرِيرُ الزُّرَعِيُّ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ وَبِبَابِ النَّصْرِ وَعِنْدَ مَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَدُفِنَ بِهَا قَرِيبًا مِنَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ حَسَنَهَا وَصَحِيحَهَا، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، يُقْرِئُ النَّاسَ مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ وَيَقُومُ بِهِمُ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانَ، فِي مِحْرَابِ الْحَنَابِلَةِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ رَحِمَهُ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>