للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِزَّةِ ذَاهِبًا إِلَى نَاحِيَةِ صَفَدَ. وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ صُحْبَةَ الْحَجِيجِ وَهُمْ جَمٌّ غَفِيرٌ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَمِينُ الدِّينِ أَبُو حَيَّانِ ابْنُ أَخِي قَاضِي القضاة تاج الدِّينِ الْمَسَلَّاتِيُّ الْمَالِكِيُّ وَزَوْجُ ابْنَتِهِ وَنَائِبُهُ فِي الْحُكْمِ مُطْلَقًا وَفِي الْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ فِي غَيْبَتِهِ، فعاجلته الْمَنِيَّةُ.

وَمِنْ غَرِيبِ مَا وَقَعَ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الشَّهْرِ أَنَّهُ اشْتَهَرَ بَيْنَ النِّسَاءِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ أَنَّ رَجُلًا رَأَى مَنَامًا فِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ شَجَرَةِ تُوتَةٍ عِنْدَ مَسْجِدِ ضِرَارٍ خَارِجَ بَابِ شَرْقِيِّ، فَتَبَادَرَ النِّسَاءُ إِلَى تَخْلِيقِ تِلْكَ التُّوتَةِ، وَأَخَذُوا أَوْرَاقَهَا لِلِاسْتِشْفَاءِ مِنَ الْوَبَاءِ، وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ صِدْقُ ذَلِكَ الْمَنَامِ، وَلَا يَصِحُّ عَمَّنْ يَرْوِيهِ.

وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَابِعِ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ خَطَبَ بِجَامِعِ دِمَشْقَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ خُطْبَةً بَلِيغَةً فَصِيحَةً أَدَّاهَا أداء حسنا، وقد كان يحس مِنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَوَامِّ أَنْ يُشَوِّشُوا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَلْ ضَجُّوا عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَعْجَبَهُمُ الْخَطِيبُ وَخَطَبَتُهُ وَأَدَاؤُهُ وَتَبْلِيغُهُ وَمَهَابَتُهُ، وَاسْتَمَرَّ يَخْطُبُ هُوَ بِنَفْسِهِ.

وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَامِنَ عَشَرَهُ تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ مَرَاجِلٍ نَاظِرُ الْجَامِعُ الْأُمَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ بَاشَرَ نَظَرَ الْجَامِعِ فِي أَيَّامِ تَنْكِزَ، وَعَمَرَ الْجَانِبَ الْغَرْبِيَّ مِنَ الْحَائِطِ الْقِبْلِيِّ، وَكَمَّلَ رُخَامَهُ كُلَّهُ، وَفَتَقَ مِحْرَابًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْحَائِطِ الْقِبْلِيِّ، وَمِحْرَابًا لِلْحَنَابِلَةِ فِيهِ أَيْضًا فِي غَرْبَيِّهِ، وَأَثَّرَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً فِيهِ، وَكَانَتْ لَهُ هِمَّةٌ وَيُنْسَبُ إِلَى أَمَانَةٍ وَصَرَامَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ مَشْكُورَةٍ مَشْهُورَةٍ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةٍ أَنْشَأَهَا تُجَاهَ دَارِهِ بِالْقُبَيْبَاتِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ تَاسِعَ عَشَرَهُ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْإِخْمِيمِيُّ الْمِصْرِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ دَرْبِ الْحَجَرِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَدُفِنَ بِقَصْرِ ابْنِ الْحَلَّاجِ عِنْدَ الطَّيُورِيِّينَ بِزَاوِيَةٍ لِبَعْضِ الْفُقَرَاءِ الْخَزَنَةِ هُنَاكَ، وَقَدْ كَانَ لَهُ يَدٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَصَنَّفَ فِي الْكَلَامِ كِتَابًا مُشْتَمِلًا على أشياء مقبولة وغير مقبولة، انتهى.

دُخُولُ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ مَنْكَلِي بُغَا

فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ دَخَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ مَنْكَلِي بُغَا مِنْ حَلَبَ إِلَى دِمَشْقَ نَائِبًا عَلَيْهَا فِي تَجَمُّلٍ هَائِلٍ، وَلَكِنَّهُ مُسْتَمْرِضٌ فِي بَدَنِهِ بِسَبَبِ مَا كَانَ نَالَهُ مِنَ التَّعَبِ فِي مُصَابَرَةِ الْأَعْرَابِ، فَنَزَلَ دَارَ السَّعَادَةِ عَلَى الْعَادَةِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مُسْتَهَلِّ ذِي الْحِجَّةِ خُلِعَ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيِّ الشَّافِعِيِّ لِلْخَطَابَةِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ يَخْطُبُ بِنَفْسِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَانِيهِ قَدِمَ الْقَاضِي فَتْحُ الدِّينِ بْنُ الشَّهِيدِ وَلَبِسَ الْخِلْعَةَ وَرَاحَ الناس لتهنئته

<<  <  ج: ص:  >  >>