للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالِفًا لِلَوْنِ الْأُخْرَى، فَفَرِحَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَدَعَوْا لِلْآمِرِ بِذَلِكَ.

وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَالِثِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مُسْتَمِرًّا عَلَى الْقَضَاءِ وَالْخَطَابَةِ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ وَهَنَّئُوهُ بِالْعَوْدِ وَالسَّلَامَةِ. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِهِ لَبِسَ الْقَاضِي الصَّاحِبُ الْبَهْنَسِيُّ الْخِلْعَةَ لِنَظْرِ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ، وَبَاشَرَ بِصَرَامَةٍ وَاسْتَعْمَلَ في غالب الجهات من أبناء السبيل.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ حَادِيَ عَشَرَهُ رَكِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ عَلَى خيل البريد إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِتَوَلِّيهِ قَضَاءَ قُضَاةِ الشَّافِعِيَّةِ بدمشق، عن رضا مِنْ خَالَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ، وَنُزُولِهِ عن ذلك.

وفي يوم الخميس خامس ربيع الأول احترقت الباسورة الَّتِي ظَاهِرَ بَابِ الْفَرَجِ عَلَى الْجِسْرِ، وَنَالَ حِجَارَةَ الْبَابِ شَيْءٌ مِنْ حَرِيقِهَا فَاتَّسَعَتْ، وَقَدْ حضر طفيها نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْحَاجِبُ الْكَبِيرُ، وَنَائِبُ الْقَلْعَةِ وَالْوُلَاةُ وَغَيْرُهُمْ. وَفِي صَبِيحَةِ هَذَا الْيَوْمِ زَادَ النَّهْرُ زِيَادَةً عَظِيمَةً بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْأَمْطَارِ وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كَانُونَ الثَّانِي، وَرَكِبَ الْمَاءُ سُوقَ الْخَيْلِ بِكَمَالِهِ، وَوَصَلَ إِلَى ظَاهِرِ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَتِلْكَ النَّوَاحِي، وَكَسَرَ جِسْرَ الْخَشَبِ الَّذِي عِنْدَ جَامِعِ يَلْبُغَا، وَجَاءَ فَصُدِمَ بِهِ جِسْرُ الزَّلَابِيَّةِ فَكَسَرَهُ أَيْضًا.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَانِيَ عَشَرَهُ صُرِفَ حَاجِبُ الْحُجَّابِ قُمَارِيُّ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَأُخِذَتِ الْقُضَاةُ مِنْ يَدِهِ وَانْصَرَفَ إِلَى دَارِهِ في أقل مِنَ النَّاسِ، وَاسْتَبْشَرَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، لِكَثْرَةِ مَا كَانَ يَفْتَاتُ عَلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَفِي أَوَاخِرِهِ اشْتَهَرَ مَوْتُ الْقَاضِي تَاجِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ بِدِيَارِ مِصْرَ وَوِلَايَةِ قَاضِي الْقُضَاةِ بَهَاءِ الدين ابن أَبِي الْبَقَاءِ السُّبْكِيِّ مَكَانَهُ بِقَضَاءِ الْعَسَاكِرِ بِهَا، وَوَكَالَةِ السُّلْطَانِ أَيْضًا، وَرُتِّبَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ كِفَايَتُهُ.

وَتَوَلَّى فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقَيْنِيُّ إِفْتَاءَ دَارِ الْعَدْلِ مَعَ الشَّيْخِ بهاء الدين أحمد بن قَاضِي الْقُضَاةِ السُّبْكِيِّ بِالشَّامِ، وَقَدْ وَلِي هُوَ أيضا القضاء بالشام كما تقدم، ثم عاد إلى مصر موفرا مُكَرَّمًا وَعَادَ أَخُوهُ تَاجُ الدِّينِ إِلَى الشَّامِ، وَكَذَلِكَ وَلَّوْا مَعَ الْبُلْقَيْنِيِّ إِفْتَاءَ دَارِ الْعَدْلِ الحنفي [شيخا] يُقَالُ لَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الصَّائِغِ، وهو مفتى حَنَفِيٌّ أَيْضًا.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعِ رَبِيعٍ الأول توفى الشيخ نور الدين محمد بن الشيخ أبى بكر قَوَامٍ بِزَاوِيَتِهِمْ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُونَ، وَغَدَا النَّاسُ إِلَى جَنَازَتِهِ، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْفُضَلَاءِ الْفُقَهَاءِ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، دَرَّسَ بِالنَّاصِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ مُدَّةَ سِنِينَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَبِالرِّبَاطِ الدَّوَيْدَارِيِّ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَجِ، وَكَانَ يَحْضُرُ الْمَدَارِسَ، وَنَزَلَ عِنْدَنَا بِالْمَدْرَسَةِ النَّجِيبِيَّةِ، وَكَانَ يُحِبُّ السُّنَّةَ وَيَفْهَمُهَا جَيِّدًا رَحِمَهُ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>