للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ الجشيش إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ مَنَافٍ مِنَّا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نقف أُمَّنَا وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا فَقَالَ الْأَشْعَثُ أَلَا كُنْتَ سَكَتَّ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَأَبْطَلَ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالْكَلْبِيُّ ضَعِيفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَعَفَّانُ قَالَا ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قَالَ ثني عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَقَالَ عَفَّانُ عَقِيلُ بْنُ طَلْحَةَ السُّلَمِيُّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْهَيْصَمِ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ. قَالَ عَفَّانُ- لَا يَرَوْنِي أَفْضَلَهُمْ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَا نقف أُمَّنَا وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا. قَالَ فَقَالَ الأشعث بن قيس فو الله لَا أَسْمَعُ أَحَدًا نَفَى قُرَيْشًا مِنَ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابن ماجة من طرق عن حماد ابن سَلَمَةَ بِهِ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ وَهُوَ فَيْصَلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا الْتِفَاتَ إِلَى قول من خالفه والله أعلم وللَّه الحمد والمنة. وَقَدْ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ التَّمِيمِيُّ يَمْدَحُ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ:

فَمَا الْأُمُّ الَّتِي وَلَدَتْ قُرَيْشًا ... بِمُقْرِفَةِ النِّجَارِ وَلَا عَقِيمِ

وَمَا قَرْمٌ بِأَنْجَبَ مِنْ أَبِيكُمْ ... وَلَا خَالٌ بِأَكْرَمَ مِنْ تَمِيمِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي أَمَّ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ وَهِيَ بَرَّةُ بِنْتُ مُرٍّ أُخْتُ تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ.

وَأَمَّا اشْتِقَاقُ قُرَيْشٍ فَقِيلَ مِنَ التَّقَرُّشِ وَهُوَ التَّجَمُّعُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَذَلِكَ فِي زَمَنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَهُمْ بِالْحَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَقَدْ قَالَ حُذَافَةُ بْنُ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ:

أَبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا ... بِهِ جَمَعَ اللَّهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرٍ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ قُصَيٌّ يُقَالَ لَهُ قُرَيْشٌ قِيلَ مِنَ التَّجَمُّعِ وَالتَّقَرُّشُ التَّجَمُّعُ كَمَا قَالَ أَبُو خَلْدَةَ الْيَشْكُرِيُّ:

إِخْوَةٌ قَرَشُوا الذُّنُوبَ عَلَيْنَا ... فِي حَدِيثٍ مِنْ دَهْرِنَا وَقَدِيمِ

وَقِيلَ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ مِنَ التَّقَرُّشِ وَهُوَ التَّكَسُّبُ وَالتِّجَارَةُ حَكَاهُ ابْنُ هِشَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْقِرْشُ الْكَسْبُ وَالْجَمْعُ وَقَدْ قَرَشَ يَقْرِشُ قَالَ الْفَرَّاءُ وَبِهِ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ وَهِيَ قَبِيلَةٌ وَأَبُوهُمُ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِهِ فَهُوَ قُرَشِيٌّ دُونَ وَلَدِ كِنَانَةَ فَمَا فَوْقَهُ. وَقِيلَ مِنَ التَّفْتِيشِ قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ كَانَ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ تَسَمَّى قُرَيْشًا لِأَنَّهُ كَانَ يَقْرُشُ عن خلة الناس وحاجتهم فيسدها بماله والتقريش هُوَ التَّفْتِيشُ وَكَانَ بَنُوهُ يَقْرُشُونَ أَهْلَ الْمَوْسِمِ عَنِ الْحَاجَّةِ فَيَرْفِدُونَهُمْ بِمَا يُبَلِّغُهُمْ بِلَادَهُمْ فَسُمُّوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَقَرْشِهِمْ قُرَيْشًا وَقَدْ قَالَ الحارث بن حازة فِي بَيَانِ أَنَّ التَّقَرُّشَ التَّفْتِيشُ:

أَيُّهَا النَّاطِقُ الْمُقَرِّشُ عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو فَهَلْ لَهُ إِبْقَاءُ

حَكَى ذَلِكَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَقِيلَ قُرَيْشٌ تَصْغِيرُ قِرْشٍ وَهُوَ دَابَّةٌ فِي الْبَحْرِ قَالَ بعض الشعراء:

<<  <  ج: ص:  >  >>