للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ لِعَبْدِ الْمَسِيحِ أَشْعَارًا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ [١] وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. قَالَ: كَانَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ رَاهِبٌ مِنَ الرُّهْبَانِ يُدْعَى عِيصًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَكَانَ متخفرا بالعاص بن واثل وَكَانَ اللَّهُ قَدْ آتَاهُ عِلْمًا كَثِيرًا وَجَعَلَ فِيهِ مَنَافِعَ كَثِيرَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ مِنْ طِيبٍ وَرِفْقٍ وَعِلْمٍ. وَكَانَ يَلْزَمُ صَوْمَعَةً لَهُ وَيَدْخُلُ مَكَّةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَيَلْقَى النَّاسَ وَيَقُولُ إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يُولَدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ يَا أَهْلَ مَكَّةَ يَدِينُ لَهُ الْعَرَبُ وَيَمْلِكُ الْعَجَمَ هَذَا زَمَانُهُ وَمَنْ أَدْرَكَهُ وَاتَّبَعَهُ أَصَابَ حَاجَتَهُ ومن أدركه فخالفه اخطأ حاجته وباللَّه مَا تَرَكْتُ أَرْضَ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ وَالْأَمْنِ وَلَا حَلَلْتُ بِأَرْضِ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ وَالْخَوْفِ إِلَّا فِي طَلَبِهِ وَكَانَ لَا يُولَدُ بِمَكَّةَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَسْأَلُ عَنْهُ فَيَقُولُ مَا جَاءَ بَعْدُ. فَيُقَالَ لَهُ فَصِفْهُ فَيَقُولُ لَا. وَيَكْتُمُ ذَلِكَ لِلَّذِي قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَاقٍ مِنْ قَوْمِهِ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيَةً إِلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَذَى يَوْمًا. وَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ الْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى عِيصًا فَوَقَفَ فِي أَصْلِ صَوْمَعَتِهِ ثُمَّ نَادَى: يا عيصاه.

فَنَادَاهُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ كُنْ أَبَاهُ فَقَدْ وُلِدَ الْمَوْلُودُ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيُبْعَثُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَمُوتُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِي مَعَ الصُّبْحِ مَوْلُودٌ. قَالَ فَمَا سَمَّيْتَهُ؟ قَالَ مُحَمَّدًا قَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنَّ يَكُونَ هَذَا الْمَوْلُودُ فِيكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ لِثَلَاثِ خِصَالٍ نَعْرِفُهُ بِهَا مِنْهَا أَنَّ نَجْمَهُ طَلَعَ الْبَارِحَةَ وَأَنَّهُ وُلِدَ الْيَوْمَ وَأَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ. انْطَلِقْ إِلَيْهِ فَإِنَّ الّذي كنت أخبركم عَنْهُ ابْنُكَ. قَالَ فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ ابْنِي وَلَعَلَّهُ أَنْ يُولَدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَوْلُودٌ غَيْرُهُ؟ قَالَ قَدْ وَافَقَ ابْنُكَ الِاسْمَ وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُشَبِّهَ عِلْمَهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ حُجَّةٌ. وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ الْآنَ وَجِعٌ فَيَشْتَكِي أياما ثلاثة، فيظهر بِهِ الْجُوعُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُعَافَى.

فَاحْفَظْ لِسَانَكَ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْسَدْ أَحَدٌ حَسَدَهُ قَطُّ وَلَمْ يُبْغَ عَلَى أَحَدٍ كَمَا يُبْغَى عَلَيْهِ. إِنْ تَعِشْ حَتَّى يَبْدُوَ مَقَالُهُ ثُمَّ يَدْعُوَ لَظَهَرَ لَكَ مِنْ قَوْمِكَ مَا لَا تَحْتَمِلُهُ إِلَّا عَلَى صَبْرٍ وَعَلَى ذُلٍّ فَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَدَارِ عَنْهُ قَالَ فَمَا عُمُرُهُ؟ قَالَ إِنْ طَالَ عمره وان قَصُرَ لَمْ يَبْلُغِ السَّبْعِينَ، يَمُوتُ فِي وِتْرٍ دُونَهَا مِنَ السِّتِّينَ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ فِي أَعْمَارِ جُلِّ أُمَّتِهِ. قَالَ وَحُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عاشر الْمُحَرَّمِ. وَوُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ غَزْوَةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَفِيهِ غَرَابَةٌ.

ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ تَحْضُنُهُ، وَكَانَ قَدْ وَرِثَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَبِيهِ فَلَمَّا كَبِرَ أَعْتَقَهَا وَزَوَّجَهَا مَوْلَاهُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَرْضَعَتْهُ مَعَ أُمِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَوْلَاةُ عَمِّهِ أَبِي لَهَبٍ ثُوَيْبَةُ قَبْلَ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ. أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا من حديث


[١] إلى سنا آخر الحاشية التي بالحلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>