للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسكندري وقد قال الْبُخَارِيُّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ مَرَّةً صَدُوقٌ، وَفِي نُسْخَةٍ ضَعِيفٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ كَانَ يُخْطِئُ كَثِيرًا. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرٌ تُوُفِّيَ قَرِيبًا مِنْ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْكُدَى الْقُبُورُ- وَقِيلَ النَّوْحُ- وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ مَاتَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ دِينِ الْجَاهِلِيَّةِ خِلَافًا لِفِرْقَةِ الشِّيعَةِ فِيهِ وَفِي ابْنِهِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ- بَعْدَ رِوَايَتِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: وَكَيْفَ لَا يَكُونُ أَبَوَاهُ وَجَدُّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْوَثَنَ، حَتَّى مَاتُوا وَلَمْ يَدِينُوا دِينَ عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكُفْرُهُمْ لَا يَقْدَحُ فِي نَسَبِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ. أَلَا تَرَاهُمْ يُسْلِمُونَ مَعَ زَوْجَاتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ وَلَا مُفَارَقَتُهُنَّ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ وباللَّه التَّوْفِيقُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

قُلْتُ: وَإِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبَوَيْهِ وَجَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا يُنَافِي الْحَدِيثَ الْوَارِدَ عَنْهُ مَنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ وَالْأَطْفَالَ وَالْمَجَانِينَ وَالصُّمَّ يُمْتَحَنُونَ فِي الْعَرَصَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا بَسَطْنَاهُ سَنَدًا وَمَتْنًا [فِي تَفْسِيرِنَا] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٧: ١٥ فَيَكُونُ مِنْهُمْ مَنْ يُجِيبُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُجِيبُ. فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ لَا يُجِيبُ فَلَا مُنَافَاةَ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَجْهُولَينِ إِلَى ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَ أَبَوَيْهِ، فَأَحْيَاهُمَا وَآمَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا. وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا بِالنَّظَرِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى. لَكِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

. فَصْلٌ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ- يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ- فَكَانَ يُوضَعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِرَاشٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَكَانَ بَنُوهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَ فِرَاشِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيْهِ، لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ بَنِيهِ إِجْلَالًا لَهُ. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي وَهُوَ غُلَامٌ جَفْرٌ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَيْهِ. فَيَأْخُذُهُ أَعْمَامُهُ لِيُؤَخِّرُوهُ عَنْهُ. فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فو الله إِنَّ لَهُ لَشَأْنًا، ثُمَّ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَمْسَحُ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ وَيَسُرُّهُ مَا يَرَاهُ يَصْنَعُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَحَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيُّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ. وحدثنا ابن أبى سيرة عن سليمان بن

<<  <  ج: ص:  >  >>