للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعت له بذي طلال كَفِّي ... فَخَرَّ يَمِيدُ كَالْجِذْعِ الصَّرِيعِ

وَقَالَ لَبِيدُ بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كِلَابٍ:

وَأَبْلِغْ- إِنْ عَرَضْتَ- بَنِي كِلَابٍ ... وَعَامِرَ وَالْخُطُوبُ لَهَا مَوَالِي

وَأَبْلِغْ- إِنْ عَرَضْتَ- بَنِي نُمَيْرٍ ... وَأَخْوَالَ الْقَتِيلِ بَنِي هِلَالِ

بَأَنَّ الْوَافِدَ الرحال أمسى ... مقيما عند تيمن ذي طلال

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَأَتَى آتٍ قُرَيْشًا فَقَالَ: إِنَّ الْبَرَّاضَ قَدْ قَتَلَ عُرْوَةَ، وَهُوَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ بِعُكَاظٍ.

فَارْتَحَلُوا وَهَوَازِنُ لَا تَشْعُرُ بِهِمْ ثُمَّ بَلَغَهُمُ الْخَبَرُ فَاتَّبَعُوهُمْ فَأَدْرَكُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ. فَاقْتَتَلُوا حَتَّى جَاءَ اللَّيْلُ فَدَخَلُوا الْحَرَمَ فَأَمْسَكَتْ هَوَازِنُ عَنْهُمْ، ثُمَّ الْتَقَوْا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَيَّامًا وَالْقَوْمُ مُتَسَانِدُونَ عَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ قَيْسٍ رَئِيسٌ مِنْهُمْ. قَالَ وَشَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَيَّامِهِمْ. أَخْرَجَهُ أَعْمَامُهُ مَعَهُمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُنْتُ أُنَبِّلُ عَلَى أَعْمَامِي» أَيْ أَرُدُّ عَلَيْهِمُ نَبْلَ عَدُوِّهِمْ إِذَا رَمَوْهُمْ بِهَا.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وحديث الفجار طويل هو أَطْوَلُ مِمَّا ذَكَرْتُ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنَ اسْتِقْصَائِهِ قَطْعُهُ حَدِيثَ سِيرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْفِجَارُ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى وَزْنِ قِتَالٍ. وَكَانَتِ الْفِجَارَاتُ فِي الْعَرَبِ أَرْبَعَةً ذَكَرَهُنَّ الْمَسْعُودِيُّ. وَآخِرُهُنَّ، فَجِارُ الْبَرَّاضِ هَذَا. وَكَانَ الْقِتَالُ فِيهِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، يَوْمِ شَمْطَةَ، وَيَوْمِ الْعَبْلَاءِ، وَهُمَا عِنْدَ عُكَاظٍ، وَيَوْمِ الشَّرِبِ- وَهُوَ أَعْظَمُهَا يَوْمًا- وَهُوَ الَّذِي حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ قَيَّدَا رَئِيسُ قُرَيْشٍ وَبَنِي كِنَانَةَ وَهُمَا حَرْبُ بن أمية وأخوه سفيان أنفسهما لئلا يفروا. وَانْهَزَمَتْ يَوْمَئِذٍ قَيْسٌ إِلَّا بَنِي نَضْرٍ فَإِنَّهُمْ ثَبَتُوا. وَيَوْمِ الْحُرَيْرَةِ عِنْدَ نَخْلَةَ ثُمَّ تَوَاعَدُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ إِلَى عُكَاظٍ. فَلَمَّا تُوَافُوا الْمَوْعِدَ رَكِبَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ جَمَلَهُ وَنَادَى يَا مَعْشَرَ مُضَرَ عَلَامَ تُقَاتِلُونَ؟ فَقَالَتْ لَهُ هَوَازِنُ: مَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟

قَالَ الصُّلْحُ، قَالُوا وَكَيْفَ؟ قَالَ نَدِيَ قَتْلَاكُمْ وَنَرْهَنُكُمْ رَهَائِنَ عَلَيْهَا، ونعفو عن دياتنا. قَالُوا وَمَنْ لَنَا بِذَلِكَ قَالَ أَنَا، قَالُوا وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَوَقْعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ وَبَعَثُوا إِلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِيهِمْ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فَلَمَّا رَأَتْ بَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الرَّهْنَ فِي أَيْدِيهِمْ عَفَوْا عن دياتهم وَانْقَضَتْ حَرْبُ الْفَجِارِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأُمَوِيُّ حُرُوبَ الْفِجَارِ وَأَيَّامَهَا وَاسْتَقْصَاهَا مُطَوَّلًا فِيمَا رَوَاهُ عَنِ الأثرم. وهو المغيرة ابن عَلِيٍّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى فَذَكَرَ ذَلِكَ.

فَصْلٌ فِي شُهُودِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسلام حلف الفضول

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ أنبأنا أبو احمد بن عدي الحافظ حدثنا يحيى بن على

<<  <  ج: ص:  >  >>