أُزَيْهِرٍ فَقَامَتْ دُونَهُ أُمُّ غَيْلَانَ وَنِسْوَةٌ كُنَّ مَعَهَا حَتَّى مَنَعَتْهُمْ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: يُقَالُ إِنَّهَا أَدْخَلَتْهُ بَيْنَ دِرْعِهَا وَبَدَنِهَا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَلَمَّا كَانَتْ أَيَّامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ أُمُّ غَيْلَانَ وَهِيَ تَرَى أَنَّ ضِرَارًا أَخُوهُ، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: لَسْتُ بِأَخِيهِ إِلَّا فِي الْإِسْلَامِ، وَقَدْ عَرَفْتُ مِنَّتَكِ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهَا عَلَى أَنَّهَا بَنْتُ سَبِيلٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ لَحِقَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ بِعَرْضِ الرُّمْحِ وَيَقُولُ: أنج يا ابن الْخَطَّابِ لَا أَقْتُلُكَ فَكَانَ عُمَرُ يَعْرِفُهَا لَهُ بعد الإسلام رضى الله عنهما.
فَصْلٌ
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ هَاهُنَا دُعَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ حِينَ اسْتَعْصَتْ عليه بسبع مثل سبع يُوسُفَ وَأَوْرَدَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ: خَمْسٌ مَضَيْنَ، اللِّزَامُ [١] وَالرُّومُ، وَالدُّخَانُ، وَالْبَطْشَةُ، وَالْقَمَرُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا، لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبطئوا عَنِ الْإِسْلَامِ. قَالَ: «اللَّهمّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ» قَالَ فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى فَحَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةَ وَحَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ. ثُمَّ دَعَا فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ ٤٤: ١٥ قَالَ فَعَادُوا فَكَفَرُوا فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ- أَوْ قَالَ فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ- قَالَ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانَ لَا يُكْشَفُ عَنْهُمْ (يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى انا منتقمون) قَالَ: يَوْمُ بَدْرٍ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ.
قَالَ: لَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الناس إدبارا. قال: «اللَّهمّ سبع كَسَبْعِ يُوسُفَ» فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَالْعِظَامَ. فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَنَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ بُعِثْتَ رَحْمَةً وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُقُوا الْغَيْثَ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا فَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ. فَقَالَ: «اللَّهمّ حوالينا ولا علينا» فانجذب السحاب عَنْ رَأْسِهِ فَسُقِيَ النَّاسُ حَوْلَهُمْ، قَالَ لَقَدْ مَضَتْ آيَةُ الدُّخَانِ- وَهُوَ الْجُوعُ الَّذِي أَصَابَهُمْ- وَذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ ٤٤: ١٥ وَآيَةُ الرُّومِ، وَالْبَطْشَةُ الْكُبْرَى، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُرِيدُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى وَالدُّخَانَ وَآيَةَ اللِّزَامِ كُلُّهَا حَصَلَتْ بِبَدْرٍ. قَالَ وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ أَوْرَدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ جَاءَ: أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستغيث من الجوع لأنهم لم
[١] اللزام: هو يوم بدر ذكر ذلك في النهاية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute