للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ أبى عبد الرحمن الجيلي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أن يخلق السموات وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ.» قَالُوا فَهَذَا التَّقْدِيرُ هُوَ كِتَابَتُهُ بِالْقَلَمِ الْمَقَادِيرَ. وَقَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ ذَلِكَ بعد خلق العرش فثبت تقديم الْعَرْشِ عَلَى الْقَلَمِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ الْمَقَادِيرَ كَمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْجَمَاهِيرُ. وَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْقَلَمِ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصِيْنٍ: قَالَ قَالَ أَهْلُ الْيَمَنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ مَعَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرُهُ «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ. وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كل شيء وخلق السموات والأرض» وفي لفظ: ثم خلق السموات والأرض. فسألوه عن ابتداء خلق السموات وَالْأَرْضِ. وَلِهَذَا قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ فَأَجَابَهُمْ عَمَّا سَأَلُوا فَقَطْ. وَلِهَذَا لَمْ يُخْبِرْهُمْ بِخَلْقِ الْعَرْشِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ الْمُتَقَدِّمِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ آخَرُونَ «بَلْ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَاءَ قَبْلَ الْعَرْشِ» رَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالُوا «إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا غَيْرَ مَا خَلَقَ قَبْلَ الْمَاءِ» وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النُّورُ وَالظُّلْمَةُ ثُمَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَ الظُّلْمَةَ لَيْلًا أَسْوَدَ مُظْلِمًا، وَجَعَلَ النُّورَ نَهَارًا مُضِيئًا مُبْصِرًا» قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ قِيلَ «إِنَّ الَّذِي خَلَقَ رَبُّنَا بَعْدَ الْقَلَمِ الْكُرْسِيُّ. ثُمَّ خَلَقَ بَعْدَ الْكُرْسِيِّ الْعَرْشَ. ثُمَّ خَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْهَوَاءَ وَالظُّلْمَةَ. ثُمَّ خَلَقَ الْمَاءَ فَوَضَعَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ» وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ خَلْقِ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ.

قَالَ اللَّهُ تعالى «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ» ٤٠: ١٥ وَقَالَ تَعَالَى «فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» ٢٣: ١١٦ وَقَالَ اللَّهُ «لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» ٢٧: ٢٦ وَقَالَ «وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ» ٨٥: ١٤- ١٥ وقال تعالى «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى» ٢٠: ٥ وقال «ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» ٧: ٥٤ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» ٤٠: ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>