للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مزنّرين على الأوساط قد جعلوا ... على الرّؤوس أكاليلا من الشّعر

كم فيهم من مليح الوجه مكتحل ... بالسحر يطبق جفنيه على حور

لاحظته بالهوى حتى استقاد له ... طوعا وأسلفني الميعاد بالنظر

وجاءني في ظلام الليل مستترا، ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر

فقمت أفرش خدّي في التراب له ... ذلّا وأسحب أذيالي على الأثر

فكان ما كان مما لست أذكره، ... فظنّ خيرا ولا تسأل عن الخبر

ودير عبدون أيضا: قرب جزيرة ابن عمر وبينهما دجلة، وقد خرب الآن وكان من أحسن مستنزهاتها.

دَيْرُ العَجَّاج:

بين تكريت وهيت، وفي ظاهره عين ماء وبركة فيها سمك، وحوله مزارع وحصن.

دَيْر العَذَارى:

قال أبو الفرج الأصبهاني: هو بين أرض الموصل وبين أرض باجرمى من أعمال الرّقة، وهو دير عظيم قديم، وبه نساء عذارى قد ترهَّبن وأقمن به للعبادة فسمي به لذلك، وكان قد بلغ بعض الملوك أنّ فيه نساء ذوات جمال، فأمر بحملهنّ إليه ليختار منهنّ على عينه من يريد، وبلغهنّ ذلك فقمن ليلتهنّ يصلّين ويستكفين شرّه، فطرق ذلك الملك طارق فأتلفه من ليلته فأصبحن صياما، فلذلك يصوم النصارى الصوم المعروف بصوم العذارى إلى الآن، هكذا ذكر، والشعر المنقول في دير العذارى يدلّ على أنه بنواحي دجيل ولعلّ هذا غير ذلك، وقال الشابشتي: دير العذارى بين سرّ من رأى والحظيرة، وقال الخالدي: وشاهدته وبه نسوة عذارى وحانات خمر، وإنّ دجلة أتت عليه بمدودها فأذهبته حتى لم يبق منه أثر، وذكر أنه اجتاز به في سنة ٣٢٠ وهو عامر، وأنشد أبو الفرج، والخالدي لجحظة فيه:

ألا هل إلى دير العذارى ونظرة ... إلى الخير من قبل الممات سبيل؟

وهل لي بسوق القادسية سكرة ... تعلّل نفسي والنسيم عليل؟

وهل لي بحانات المطيرة وقفة ... أراعي خروج الزّقّ وهو حميل

إلى فتية ما شتّت العزل شملهم، ... شعارهم عند الصباح شمول

وقد نطق الناقوس بعد سكوته، ... وشمعل قسّيس ولاح فتيل

يريد انتصابا للمقام بزعمه، ... ويرعشه الإدمان فهو يميل

يغنّي وأسباب الصواب تمدّه، ... وليس له فيما يقول عديل

ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة ... إلى قرقرى قبل الممات سبيل؟

وثنّى يغنّي وهو يلمس كأسه، ... وأدمعه في وجنتيه تسيل

سيعرض عن ذكري وينسى مودّتي، ... ويحدث بعدي للخليل خليل

سقى الله عيشا لم يكن فيه علقة ... لهمّ ولم ينكر عليه عذول

لعمرك ما استحملت صبرا لفقده، ... وكلّ اصطبار عن سواه جميل

وقال أبو الفرج: ودير العذارى بسرّ من رأى إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>