للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمال بترمذ، قال أبو عبد الله محمد بن أحمد البنّاء البشّاري: صغانيان ناحية شديدة العمارة كثيرة الخيرات، والقصبة أيضا على هذا الاسم تكون مثل الرملة إلّا أن تلك أطيب والناحية مثل فلسطين إلّا أن تلك أرحب، مشاربهم من أنهار تمد إلى جيحون غير أن موادّها تنقطع عنه في بعض السنة، والناحية تتصل بأراضي ترمذ فيها جبال وسهول، قال: وبها ستة عشر ألف قرية، كذا قال، وقال: يخرج منه عشرة آلاف مقاتل بنفقاتهم ودوابهم إذا خرج على السلطان خارج، وبها رخص وسعة في العيش، وجامعها في وسط السوق، وفي كلّ دار من دورهم ماء جار قد أحدقت به الأشجار، وبها أجناس الطيور كثيرة الصيد، وفيها من المراعي ما يغيب فيه الفارس، وهم أهل سنّة وجماعة، يحبّون الغريب والصالحين، إلّا أنّها قليلة العلماء خالية من الفقهاء، وهي كانت معقل أبي عليّ بن محتاج لما خالف على نوح وكان يقاومه بها وذلك ممّا يدلّ على عظمها، وقد نسبوا إليها على لفظين صغانيّ وصاغانيّ، منهم: أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر الصغاني نزيل بغداد أحد الثقات، يروي عن أبي القاسم النبيل وأبي مسهر وعبد الله بن موسى ويزيد بن هارون وغيرهم، روى عنه مسلم ابن الحجّاج القشيري وأبو عيسى الترمذي، ومات سنة ٢٧٠، وعرف بالصاغاني أبو العباس الفضل بن العباس بن يحيى بن الحسين الصاغاني، له تصانيف في كلّ فن وتصنيفه في الحديث أحسن منها، سمع السيد أبا الحسن محمد بن الحسين العلوي ومحمد بن محمد بن عبدوس الحيري. قدم بغداد سنة ٤٢٠ حاجّا، وسمع منه أبو بكر الخطيب.

الصُّغْدُ:

بالضم ثمّ السكون، وآخره دال مهملة، وقد يقال بالسين مكان الصاد: وهي كورة عجيبة قصبتها سمرقند، وقيل: هما صغدان صغد سمرقند وصغد بخارى، وقيل: جنان الدنيا أربع: غوطة دمشق وصغد سمرقند ونهر الأبلّة وشعب بوّان، وهي قرى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سمرقند إلى قريب من بخارى لا تبين القرية حتى تأتيها لالتحاف الأشجار بها، وهي من أطيب أرض الله، كثيرة الأشجار غزيرة الأنهار متجاوبة الأطيار، وقال الجيهاني في كتابه: الصغد كصورة إنسان رأسه بنجيكت ورجلاه كشانية وظهره وفر وبطنه كبوكث ويداه ما يمرغ وبزماخر، وجعل مساحته ستة وثلاثين فرسخا في ستة وأربعين، وقال: منبرها الأجلّ سمرقند ثمّ كش ثمّ نسف ثمّ كشانية، وقال غيره: قصبة الصغد إشتيخن، وفضّلها على سمرقند، وبعضهم يجعل بخارى أيضا من الصغد، وقال: إن النهر من أصله إلى بخارى يسمى الصغد، ولا يصحّ هذا، والصغد في الأصل اسم للوادي والنهر الذي تشرب منه هذه النواحي، قالوا: وهذا الوادي مبدؤه من جبال البتّم في بلاد الترك يمتد على ظهر الصغانيان وله مجمع ماء يقال له وي مثل البحيرة حواليها قرى وتعرف الناحية ببرغر فينصبّ منها بين جبال حتى يتصل بأرض بنجيكت ثمّ ينتهي إلى مكان يعرف بورغسر، وبه رأس السّكر ومنه تتشعّب أنهار سمرقند ورساتيق يتصل بها من عرى الوادي من جانب سمرقند، وقد فضل الإصطخري الصغد على الغوطة والأبلّة والشعب قال: لأن الغوطة التي هي أنزه الجميع إذا كنت بدمشق ترى بعينيك على فرسخ أو أقل جبالا قرعا عن النبات والشجر وأمكنة خالية عن العمارة والخضرة، وأكمل النزه ما ملأ البصر ومد الأفق، وأمّا نهر الأبلّة فليس بها ولا بنواحيها مكان يستطرف النظر منه وليس بها مكان عال فلا يدرك البصر أكثر من فرسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>