للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزهّدني في كلّ خير صنعته ... إلى الناس ما جرّبت من قلة الشكر

إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ... دهاك الهوى واهتاج قلبك للذكر

فوا حزني مما أجنّ من الأسى ... ومن مضمر الشوق الدخيل إلى حجري

تغرّبت عنها كارها وهجرتها، ... وكان فراقيها أمرّ من الصبر

فيا راكب الوجناء أبت مسلّما، ... ولا زلت من ريب الحوادث في ستر

إذا ما أتيت العرض فاهتف بأهله: ... سقيت على شحط النوى مسبل القطر

فإنك من واد إليّ مرجّب ... وإن كنت لا تزداد إلا على عقري

المرجّب: المعظّم، ومنه قول الأنصاري: أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب.

وبه سمّي رجب لتعظيمهم إياه، وحدث أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي قال أخبرني أبو الحسن علي بن محمد المدائني قال: كان يحيى بن طالب الحنفي مولى لقريش باليمامة، وكان شيخا فصيحا ديّنا يقرّئ الناس، وكان عظيم التجارة، وذكر مثل ما تقدّم، فخرج إلى خراسان هاربا من الدّين، فلما وصل إلى قومس قال:

أقول لأصحابي ونحن بقومس، ... ونحن على أثباج ساهمة جرد:

بعدنا، وبيت الله، عن أرض قرقرى، ... وعن قاع موحوش، وزدنا على البعد

فلما وصل إلى خراسان قال:

أيا أثلات القاع من بطن توضح ... حنيني، إلى أطلالكنّ، طويل

ويا أثلاث القاع قلبي موكّل ... بكنّ، وجدوى غيركنّ قليل

ويا أثلات القاع قد ملّ صحبتي ... مسيري، فهل في ظلّكنّ مقيل؟

ألا هل إلى شمّ الخزامى ونظرة ... إلى قرقرى قبل الممات سبيل

فأشرب من ماء الحجيلاء شربة ... يداوى بها، قبل الممات، عليل

أحدّث عنك النفس أن لست راجعا ... إليك، فحزني في الفؤاد دخيل

أريد انحدارا نحوها فيصدّني، ... إذا رمته، دين عليّ ثقيل

قال أبو بكر بن الأنباري: وقد غنّي بهذه الأبيات عند الرشيد فسأل عن قائلها فأخبر فأمر برده وقضاء دينه، فسئل عنه فقيل إنه مات قبل ذلك بشهر، وقد قال:

خليليّ عوجا، بارك الله فيكما، ... على البرّة العليا صدور الركائب

وقولا إذا ما نوّه القوم للقرى: ... ألا في سبيل الله يحيى بن طالب!

قَرْقَسَانُ:

بالفتح ثم السكون، وقاف أخرى مفتوحة، وسين مهملة، وآخره نون: موضع.

قَرْقَشَنْدَةُ:

قرية بأسفل مصر ولد بها الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري الفقيه مولى بني فهم ثم مولى آل خالد بن ثابت بن طاعن، وأهل بيته يقولون إن أصله من الفرس من أهل أصبهان، ولد في سنة ٩٤، وتوفي في نصف شعبان سنة ١٧٥، قال القضاعي:

<<  <  ج: ص:  >  >>