للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رئيسا آباؤه السّادة الصّ … يد نمته من خير أصل وغرس

والأديب الّذي أبرّ على ك … لّ أديب في كلّ معنى وجنس

قد أتتني أبياتك الغرر الزّه … ر اللّواتي تحيى بها كلّ نفس

وأزالت عنّي همومي بفقدي … ك وأحيت موسّدا تحت رمس

وتسلّيت عن بعادك لا عن … ك بدرّ أودعته بطن طرس

من قريض حكى اللآلي في ج … يد فتون لكلّ جنّ وإنس

فاسلم الدّهر وابق لي أبدا أن … ت معافى فأنت سهمي وترسي

قال أبو اليسر: وكان محمّد بن الأصبغ صديقنا من أهل الأدب، ويعجبه أن يكاتب إخوانه ويكاتبونه بكلام يخرج منه إلى شعر، ومن الشعر إلىكلام بلا انفصال، فاعتل في بعض الأيام وشرب دواء، فكتبت إليه: بسم الله الرّحمن الرّحيم. كيف كنت يا سيدي أطال الله بقاءك، من شربك للدواء جعل الله فيك شفاءك:

فإنّي لما أظهرته من تألّم … أشدّ لما تشكوه منك تألّما

أرى بي من الأوصاب ما بك بل أرى ال … ذي بي لعمري منك أدهى وأعظما

فلا زلت طول الدّهر في كلّ نعمة … معافى على رغم الحسود مسلّما

وأعقبك الله السلامة إثر ما … شربت فأعطاك الشّفاء متمّما

ودمت على مرّ اللّيالي مبلّغا … أمانيك محبوّا بذاك مكرّما

فلو وقى أحد من صرف دهر، وعوفي من ألم وشر، لكرم طباعه، وطيب نجاره، وشرف فعاله، وخيرية جملته، وكمال حريته، لكنت الموقى من ذلك. لكن الله أحسن اختيارا منك لنفسك، فأثاب الله على ما أعل، وضاعف عليه الأجر والحمد، وهو يقيني فيك، ويحرسك ويكفيك، ويصرف عنك الأسواء ويمنحك النعماء، فما حق نفسك أن تعرم ولا جسمك أن يألم، لولا ما أراد الله في ذلك من خير لك، ثم أقول:

ولو أنصفتك الحادثات لزايلت … رباعك واحتلّت رباع الألائم

وأصبحت الآلام لا تهتدي إلى … ذراك ولا تنحو سبيل الأكارم

وما كنت إلّا سائر الدّهر سالما … موقّى على رغم العدا والمراغم

وقد كان ينبغي لك جعلني الله فداك مع علمك بتعلق قلبي بك، وتطلعي إلى علم خبرك، أن تكون قد مننت بتعريفي من ذلك ما أسكن إليه وأكثر حمد الله عليه والسّلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>