للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أذكرك من أنت في ذكره. فقال أبو جعفر: مرحبا مرحبا، لقد ذكرت جليلا، وخوفت عظيما، وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها فأحلف بالله ما الله أردت بها، وإنما أردت أن يقال قام فقال فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها واهتبلها لله، ويلك إني غفرتها وإياكم معشر الناس وأمثالها، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، فعاد إلى خطبته كأنما يقرؤها من قرطاس.

أخبرنا محمّد بن الحسين الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد بن أبي الأزهر البوشنجي قال: حدّثنا الزّبير بن بكّار، حدّثنا مبارك الطبري قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت أمير المؤمنين المنصور يقول: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.

حدّثني الأزهري، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسين، حدّثنا أبو بكر بن دريد، حدّثنا أبو حاتم عن الأصمعيّ عن يونس قال: كتب زياد بن عبيد الحارثي إلى المنصور يسأله الزّيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه، فوقع المنصور في القصة؛ إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجل أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة.

قرأت على علي بن أبي علي البصريّ عن إبراهيم بن محمّد الطبري قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الهجيمي (١) حدّثنا أبو العيناء قال: دخل المنصور من باب الذهب، فإذا بثلاثة قناديل مصطفة، فقال: ما هذا؟ أما واحد من هذا كان كافيا، يقتصر من هذا على واحد، قال: فلما أصبح أشرف على الناس وهم يتغدون، فرأى الطعام قد خف من بين أيديهم قبل أن يشبعوا. فقال: يا غلام على بالقهرمان، قال: مالي رأيت الطعام قد خف من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين أريتك قد قدّرت الزيت فقدرت الطعام، قال: فقال وأنت لا تفرق بين زيت يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل فضل وجدت له آكلا، أبطحوه قال: فبطحوه فضربه سبع درر.

أخبرنا الحسين بن محمّد أخو الخلّال قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الله الشطي،


(١) في الأصل والمطبوعة: «الجهيمي».

<<  <  ج: ص:  >  >>