للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماعون بأتاويّين، يعني واحدا أتى من هاهنا، وآخر أتى من هاهنا. كأنهم جماعة التقوا من غير تعريف بنسب ولا بلد.

وإذا تجمعوا أفذاذا [١] لم يكمل كلّ واحد منهم خصال المحلّات.

قال أبو النجم [٢] : [من الرجز]

يضعن بالفقر أتاويّات ... معترضات غير عرضيّات [٣]

وقالت امرأة من الكفار، وهي تحرّض الأوس والخزرج، حين نزل فيهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه: [من المتقارب]

أطعتم أتاويّ من غيركم ... فلا من مراد ولا مذحج

ولم ترد أنهما أشرف من قريش، ومن الحيّين كعب وعامر، ولكنها أرادت أن تؤلّب وتذكي العصبيّة.

وقالوا: لا تبتنى المدن إلا على الماء والكلإ والمحتطب. فدخلت النار في المحتطب؛ إذ كان كلّ عود يوري.

وأما الوجه الآخر [٤] من الامتنان بها، فكقوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ

[٥] ثم قال على صلة الكلام: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

[٦] . وليس يريد أنّ إحراق الله عزّ وجلّ العبد بالنار من آلائه ونعمائه.

ولكنه رأى [٧] أن الوعيد الصادق إذا كان في غاية الزجر عما يطغيه ويرديه [٨] فهو من النعم السابغة والآلاء العظام.


[١] الرجز لأبي النجم في ديوانه ٧٤، ولحميد الأرقط في اللسان (عرض، هيه، أتي) ، والتاج (عرض، صنبع، أتو) ، والتهذيب ١/٤٥٩، ٤٦٣، ١٤/٣٥١، وبلا نسبة في التاج (هيه) ، والجمهرة ١٣٢١، وشرح المفصل ٤/٦٥- ٦٦.
[٢] يضعن: من الوضع، وهو ضرب من العدو فوق الخبب. الأتاويات: الغريبات. معترضات: نشيطات لم يكسلهن السفر. عرضيات: من غير صعوبة.
[٣] البيت لعصماء بنت مروان اليهودي في أنساب الأشراف ٣٧٣، ولامرأة هجت الأنصار في اللسان والتاج (أتى) ، والتهذيب ٢/٣٥٩.
[٤] ثمار القلوب ٤٥٧ (٨٢٤) ، فقرة «نار الشجر» .
[٥] في ثمار القلوب «كقوله للثقلين» .
[٦] ٣٥/الرحمن: ٥٥.
[٧] في ثمار القلوب «أراد» .
[٨] يرديه: يهلكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>