للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بعد طهور الأبدان، وغسول الأدران.

وقالوا: هو كالماء الذي يطهر كلّ شيء، ولا ينجّسه شيء.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم في بئر رومة [١] : «الماء لا ينجّسه شيء» .

ومنه ما يكون منه الملح، والبرد، والثّلج، فيجتمع الحسن في العين، والكرم في البياض والصفاء، وحسن الموقع في النفس.

وبالماء يكون القسم، كقول الشاعر: [من السريع]

غضبى ولا والله يا أهلها ... لا أشرب البارد أو ترضى

ويقولون: لو علم فلان أنّ شرب البارد يضع من مروءته لما ذاقه.

وسمّى الله عز وجل أصل الماء غيثا بعد أن قال: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ

[٢] .

ومن الماء ماء زمزم، وهو لما شرب له [٣] . ومنه [ما] [٤] يكون دواء وشفاء بنفسه، كالماء للحمّى.

١٣٣١-[علّة ذكر النار في كتاب الحيوان]

قد ذكرنا جملة من القول في النار، وإن كان ذلك لا يدخل في باب القول في أصناف الحيوان، فقد يرجع إليها من وجوه كريمة نافعة الذكر، باعثة على الفكر، وقد يعرض من القول ما عسى أن يكون أنفع لقارئ هذا الكتاب من باب القول في الفيل، والزّندبيل [٥] ، وفي القرد والخنزير، وفي الدّب والذئب، والضّبّ والضّبع، وفي السّمع والعسبار [٦] .

وعلى أن الحكمة ربما كانت في الذّبابة مع لطافة شخصها، ونذالة قدرها،


[١] رومة: أرض بالمدينة بين الجرف وزغابة نزلها المشركون عام الخندق؛ وفيها بئر رومة، اسم بئر ابتاعها عثمان بن عفان وتصدق بها. معجم البلدان ٣/١٠٤. والحديث التالي ورد في مسند أحمد ١/٣٣٧ برواية «إن الماء لا ينجس» .
[٢] ٧/هود: ١١.
[٣] أخرجه ابن ماجة في المناسك، باب رقم ٧٨.
[٤] زيادة يقتضيها المعنى.
[٥] الزندبيل: كبير الفيلة. «حياة الحيوان ١/٥٤٠» .
[٦] السمع: ولد الذئب من الضبع. «حياة الحيوان ١/٥٦٤» . العسبار: ولد الضبع من الذئب.
«حياة الحيوان ٢/٢٢» .

<<  <  ج: ص:  >  >>