للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انحلّ أو انقطع ولّى كلّ واحد منهما عن صاحبه، وهرب في الأرض، وأخذ في خلاف جهته الآخر.

١٣٩٢-[قتال الجرذ والعقرب]

وإن جعلا في إناء من قوارير، أعني الجرذ والعقرب، وإنما ذكرت القوارير، لأنها لا تستر عن أعين الناس صنيعهما، ولا يستطيعان الخروج؛ لملاسة الحيطان- فالفأرة عند ذلك تختل العقرب، فإن قبضت على إبرتها قرضتها [١] ، وإن ضربها العقرب ضربا كثيرا فاستنفدت سمّها كان ذلك من أسباب حتفها.

ودخلت مرة أنا وحمدان بن الصباح على عبيد بن الشّونيزي فإذا عنده برنيّة [٢] زجاج، فيها عشرون عقربا وعشرون فأرة، فإذا هي تقتتل، فخيّل لي أن تلك الفأر قد اعتراها ورم من شدة وقع اللسع. ورأيت العقارب قد كلّت عنها وتاركتها، ولم أر إلا هذا المقدار الذي وصفت.

وحدثنا عنها عبيد بأعاجيب. ولو كان عبيد إسنادا [٣] لخبّرت عنه، ولكنّ موضع البياض من هذا الكتاب خير من جميع ما كان لعبيد.

١٣٩٣-[أعاجيب في الجرذ]

وللجرذ تدبير في الشيء يأكله أو يحسوه، فإنه ليأتي القارورة الضّيّقة الرأس، فيحتال حتى يدخل طرف ذنبه في عنقها. فكلّما ابتلّ بالدّهن أخرجه فلطعه، ثم أعاده، حتى لا يدع في القارورة شيئا.

ورأيت من الجرذان أعجوبة، وذلك أن الصيادة لما سقطت على جرذ منها ضخم، اجتمعن لإخراجه وسلّ عنقه من الصيّادة، فلما أعجزهنّ ذلك قرضن الموضع المنضمّ عليه من جميع الجوانب، ليتسع الخرق فيجذبنه. فهجمت على نحاتة لو اعتمدت بسكين على ذلك الموضع لظننت أنه لم يكن يمكنني إلا شبيه بذلك.

١٣٩٤-[علة دفن السنور خرأه]

وزعم [٤] بعض الأطباء أن السنور إنما يدفن خرأه ثم يعود إلى موضعه فيشتمّه


[١] قرضت: قطعت، والخبر في ربيع الأبرار ٥/٤٧١، ومحاضرات الأدباء (٤/٦٦٨) .
[٢] البرنية: شبه فخارة ضخمة خضراء، وربما كانت من القوارير الثخان الواسعة الأفواه.
[٣] إسنادا: أي ممن يصح إسناد الخبر إليه.
[٤] ربيع الأبرار ٥/٤٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>