للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائر الحيوان إنما يعتريه الضّعف عن أمثاله إذا خصي وترك أمثاله على حالها.

١٤٤٨-[قول زرادشت في الفأر والسنور والردّ عليه]

ثم رجعنا إلى قول زرادشت في الفأر.

زعم زرادشت أن الفأرة من خلق الله. وأن السنّور من خلق الشيطان. فقيل للمجوس: ينبغي على أصل قولكم أن يكون الشيء الذي خلق الله خيرا كله ونفعا كلّه، ومرفقا [١] كله، ويكون ما خلق الشيطان على خلاف ذلك. ونحن نجد عيانا أن الذي قلتم به خطأ. رأينا الناس كلهم يرون أن الفأر بلاء ابتلوا به، فلم يجدوا بدّا من الاحتيال لصرف مضرّته، كالداء النازل الذي يلتمس له الشفاء. ثم وجدناهم قد أقاموا السنانير مقام التداوي والتعالج، وأقاموا الفأر مقام الداء الذي أنزله الله، وأمر بالتداوي منه، فاجتلبوا لذلك السنانير وبنات عرس، ثم نصبوا لها ألوان الصيّادات، وصنعوا لها ألوان السّموم والمعجونات التي إذا أكلت منها ماتت. واستفرهوا [٢] السنانير واختاروا الصيّادات.

واجتبوا السّنّور دون ابن عرس، لأن ابن عرس يعمل في الفأر والطير كعمل الذّئب بالغنم، فأوّل ما يصنع بالفريسة أن يذبحها، ثم لا يأكلها إلا في الفرط.

والسّنّور يقتل ثم يأكل. فالفار من السنور أشدّ فزعا، وهو الذي قوبل به طباعها وطباعه.

وكما أن الذي يأكل الدجاج كثير، وأن الذي جعل بإزائه ابن آوى. وكما أن الذي يأكل الغنم كثير، والذي جعل بإزائها الذئب.

والأسد أقوى منه على النعجة، والنّعجة من الذّئب أشد فرقا [٣] .

والحيّات تطالب الفأر والجرذان، وهي من السنور أشد فزعا.

وإن كان في الجرذان ما يساوي السنور فإنها منه أشد فزعا.

فإن كنتم إنما جعلتموه من خلق الشيطان لأكله صنفا واحدا من خلق الله- فالأصناف التي يأكلها من خلق الشيطان أكثر.


[١] المرفق: ما استعين به.
[٢] يستفره: يختار الفاره الجيد.
[٣] الفرق: الخوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>