للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان في خلافة عمر، رأى عمر على بعض بني المغيرة من أخواله، قميص حرير، فعلاه بالدّرّة [١] ، فقال المغيريّ: أو ليس عبد الرحمن بن عوف يلبس الحرير؟

قال: وأنت مثل عبد الرحمن؛ لا أمّ لك!

١٥٠٢-[الاحتيال للبراغيث]

واحتاج أصحابنا إلى التسلّم من عضّ البراغيث، أيام كنّا بدمشق، ودخلنا أنطاكية، فاحتالوا لبراغيثها بالأسرّة فلم ينتفعوا بذلك؛ لأن براغيثهم تمشي.

وبراغيثهم نوعان: الأبجل والبقّ، إنما سمّوا ذلك الجنس على شبيه بما حكى لي ثمامة عن يحيى بن خالد البرمكيّ، فإنّ يحيى زعم أن البراغيث من الخلق الذي يعرض له الطيران فيستحيل بقّا، كما يعرض الطيران للنّمل، وكما يعرض الطيران للدّعاميص؛ فإن الدعاميص إذا انسلخت صارت فراشا.

فكان أصحابنا قد لقوا من تلك البراغيث جهدا. وكانت لها بليّة أخرى: وذلك أن الذي تسهره البراغيث لا يستريح إلا أن يقتلها بالعرك والقتل. وإلى أن يقبض عليها فيرمي بها إلى الأرض من فوق سريره فيرى أنهنّ إذا صرن عشرين كان أهون عليه من أن يكنّ إحدى وعشرين. فكان الرجل إذا رام ذلك من واحدة منها نتنت يده وكانوا ملوكا، ومثل هذا شديد على مثلهم، فما زالوا في جهد منها حتى لبسوا قمص الحرير الصّينيّ، وجعلوها طويلة الأردان والأبدان فناموا مستريحين [٢] .

١٥٠٣-[خروج القمل من جسم الإنسان]

وخبّرني كم شئت من أطبّاء الناس وأصحاب التجارب، منهم من يقشعر من الكذب، ويتقزز منه- أنهم رأوا القمل عيانا وهو يخرج من جلد الإنسان. فإذا كان الإنسان قملا كان قمله مستطيلا، في شبيه بخلقة الديدان الصغار البيض.

ويذكر أن مثل ذلك قد كان عرض لأيوب النبي، صلّى الله عليه وسلّم، حين كان امتحن بتلك الأوجاع حتى سمّي: «المبتلى» وخبّرني شيخ من بني ليث، أنه اعتراه جرب، وأنه تطلّى بالمرتك [٣] والدّهن،


[١] الدرة: درة السلطان التي يضرب بها.
[٢] الخبر باختصار في ربيع الأبرار ٥/٤٧٩.
[٣] المرتك: هو المردارسنج، ويكون من سائر المعادن المطبوخة إلا الحديد. انظر معجم استينجاس ١٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>