للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّويبّة التي تسمى بالفارسية: «دده» وهي أكبر من القملة شيئا، وتكون بمهرجان قذق [١] . فإنها مع صغر جسمها تفسخ الإنسان في أسرع من الإشارة باليد، وهي تعضّ ولا تلسع، وهي من ذوات الأفواه، وهي التي بزعمهم يقال لها «قملة النّسر» . وذلك أن النّسر في بعض الزمان، إذا سقط بتلك الأرض سقطت منه قملة تستحيل هذه الدابة الخبيثة.

والبعوضة من ذوات الخراطيم.

وحدّثني محمد بن هاشم السّدريّ قال: كنت بالزّطّ [٢] . فكنت والله أرى البعوضة تطير عن ظهر الثور فتسقط على الغصن من الأغصان، فتقلس [٣] ما في بطنها، ثم تعود.

والبعوضة تغمس خرطومها في جلد الجاموس، كما يغمس الرجل أصابعه في الثريد.

ومن العجب أن بين البصرة وواسط شطرين. فالشّطر الذي يلي الطّف وباب طنج يبيت أهله في عافية، وليس عندهم من البعوض ما يذكر، والشطر الذي يلي زقاق الهفّة لا ينام أهله من البعوض. فلو كان هذا ببلاد الشام أو بلاد مصر لادّعوا الطّلّسم.

وحدّثني إبراهيم النّظام قال [٤] : وردنا فم زقاق الهفة، في أجمة البصرة، فأردنا النفوذ فمنعنا صاحب المسلحة [٥] ، فأردنا التأخّر إلى الهور [٦] الذي خرجنا منه، فأبى علينا. ووردنا عليه وهو سكران وأصحابه سكارى، فغضب على ملّاح نبطيّ، فشدّه قماطا، ثم رمى به في الأجمة، على موضع أرض تتصل بموضع أكواخ صاحب المسلحة [٧] . فصاح الملاح: اقتلني أيّ قتلة شئت وأرحني! فأبى وطرحه، فصاح،


[١] مهرجان قذق: كورة حسنة واسعة ذات مدن وقرى الصيمرة من نواحي الجبال عن يمين القاصد من حلوان العراق إلى همذان. معجم البلدان ٥/٢٣٣.
[٢] الزط: نهر قديم من أنهار البطيحة «معجم البلدان ٣/١٤٠» . والبطيحة: أرض واسعة بين واسط والبصرة «معجم البلدان ١/٤٥٠» .
[٣] تقلس: تقيء.
[٤] الخبر في ربيع الأبرار ٥/٤٦٢.
[٥] المسلحة: القوم الذين يحرسون الثغور من العدو.
[٦] الهور: يقال جرف هور: أي واسع بعيد.
[٧] المسلحة: القوم الذين يحرسون الثغور من العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>