للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعلم أنه ليس بعد ذهاب الرأس حياة. ثم ينام كل واحد منها وهو قائم على رجليه، لأنه يظن أنه إن مكّنهما نام إن كان لا يحب النوم. أو نام نوما ثقيلا إن كان يحب أن يكون نومه غرارا [١] . فأما قائدها وسائقها وحارسها، فإنه لا ينام إلا وهو مكشوف الرأس. وإن نام فإن نومه يكون أقلّ من الغشاش [٢] . وينظر في جميع النواحي، فإن أحسّ شيئا صاح بأعلى صوته.

١٦٢٧-[صيد طير الماء]

وسألت بعض من اصطاد في يوم واحد مائة طائر من طير الماء، فقلت له: كيف تصنعون؟ قال: إن هذا الذي تراه ليس من صيد يوم واحد، وإن كلّه صيد في ساعة واحدة. قلت له: وكيف ذاك؟ قال: وذلك أنا نأتي مناقع الماء ومواضع الطير، فنأخذ قرعة يابسة صحيحة. فنرمي بها في ذلك الماء، فإذا أبصرها الطير تدنو منه بدفع الرّيح لها في جهته، مرة أو مرتين فزع. فإذا كثر ذلك عليه أنس. وإنما ذلك الطير طير الماء والسّمك [٣] ، فهي أبدا على وجه الماء. فلا تزال الرّيح تقرّبها وتباعدها، وتزداد هي بها أنسا، حتى ربما سقط الطائر عليها، والقرعة في ذلك إما واقفة في مكان، وإما ذاهبة وجائية. فإذا لم نرها تنفر منها أخذنا قرعة أخرى، أو أخذناها بعينها، وقطعنا موضع الإبريق [٤] منها، وخرقنا فيها موضع عينين، ثم أخذها أحدنا فأدخل رأسه فيها، ثم دخل الماء ومشى فيه إليها مشيا رويدا، فكلما دنا من طائر قبض على رجليه ثم غمسه في الماء، ودقّ جناحه وخلّاه، فبقي طافيا فوق الماء يسبح برجليه، ولا يطيق الطيران، وسائر الطير لا ينكر انغماسه. ولا يزال كذلك حتى يأتي على آخر الطير. فإذا لم يبق منها شيء رمى بالقرعة عن رأسه، ثمّ نلقطها ونجمعها ونحملها.

١٦٢٨-[نفع الضفدع]

قال: ومن جيّد ما يعالج به الملسوع، أن يشقّ بطن الضفدع، ثم يرفد [٥] به موضع اللسعة. ولسنا نعني لدغة الحية، وإنما نعني لسعة العقرب.


[١] غرارا: قليلا خفيفا.
[٢] الغشاش: القليل.
[٣] أي الطائر الذي يغتذي بالسمك.
[٤] أراد طرفها الدقيق.
[٥] الرفد: وضع الرفادة على الجرح، وهي الخرقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>