للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. وأما الذي لا يعرفه إلا الخاصة فالكفاية التامة، والتعظيم الدائم، وإهمال الفكر، والأنف من التعلّم. هذا قول أبي إسحاق.

وقال أبو إسحاق [١] : ثلاثة أشياء تخلق العقل، وتفسد الذهن: طول النظر في المرآة، والاستغراق في الضحك، ودوام النظر إلى البحر.

وقال معمّر: قطعت في ثلاثة مجالس، ولم أجد لذلك علة؛ إلا أني أكثرت في أحد تلك الأيام من أكل الباذنجان، وفي اليوم الآخر من أكل الزيتون، وفي اليوم الثالث من الباقلّى.

وزعم أنه كلم رجلا من الملحدين في بعض العشايا، وأنه علاه علوّا ظاهرا قاهرا، وأنه بكر على بقية ما في مسألته من التخريج، فأجبل وأصفى [٢] ، فقال له خصمه: ما أحدثت بعدي؟ قال: قلت: ما أتّهم إلا إكثاري البارحة من الباذنجان! فقال لي- وما خالف إلى التّهمة: ما أشكّ أنك لم تؤت إلا منه! وقال لي من أثق به: ما أخذت قط شيئا من البلاذر فنازعت أحدا إلا ظهرت عليه.

وقال أبو ناضرة: ما أعرف وجه انتفاع الناس بالبلاذر إلا أن يؤخذ للعصب.

قلت: فأي شيء بقي بعد صلاح العصب، وأنتم بأجمعكم تزعمون أن الحسّ للعصب خاصة؟

[باب في القطا]

١٦٥٩-[القول في القطا]

تقول العرب: «أصدق من قطاة [٣] » و «أهدى من قطاة» [٤] .

وفي القطا أعجوبة، وذلك أنها لا تضع بيضها أبدا إلا أفرادا، ولا يكون بيضها أزواجا أبدا. وقال أبو وجزة [٥] : [من البسيط]

وهنّ ينسبن وهنا كلّ صادقة ... باتت تباشر عرما غير أزواج


[١] عيون الأخبار ٣/٢٧٢.
[٢] أجبل: صعب عليه القول. أصفى الرجل من المال: خلا.
[٣] مجمع الأمثال ١/٤١٢، والدرة الفاخرة ١/٢٦٣، ٢٦٥، وجمهرة الأمثال ١/٥٨٤، والمستقصى ١/٢٠٦، وأمثال ابن سلام ٣٦٣.
[٤] مجمع الأمثال ٢/٤٠٩، وجمهرة الأمثال ٢/٣٥٣.
[٥] البيت لأبي وجزة في اللسان (زوج، هدج، عرم، قطا) ، والأساس (نسب) ، والتاج (عرم، قطا) ، والتهذيب ٢/٣٩٢، ٩/٢٤١، وربيع الأبرار ٥/٤٤٩، وبلا نسبة في المخصص ٤/٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>