للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زعموا بهذا الإسناد أنّ الأرويّة [١] تضع مع كلّ ولد وضعته أفعى في مشيمة واحدة.

وقال الآخرون: الأرويّة [١] لا تعرف بهذا المعنى، ولكنه ليس في الأرض نمرة إلا وهي تضع ولدها وفي عنقه أفعى في مكان الطّوق. وذكروا أنّها تنهش وتعضّ، ولا تقتل.

ولم أكتب هذا لتقرّ به، ولكنها رواية أحببت أن تسمعها. ولا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، وكذلك لا يعجبني الإنكار له. ولكن ليكن قلبك إلى إنكاره أميل.

١٦٩٠-[مواضع الشك واليقين]

وبعد هذا فاعرف مواضع الشّكّ، وحالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له، وتعلم الشّكّ في المشكوك فيه تعلّما. فلو لم يكن في ذلك إلّا تعرّف التوقّف ثمّ التثبّت، لقد كان ذلك ممّا يحتاج إليه.

ثمّ اعلم أنّ الشكّ في طبقات عند جميعهم. ولم يجمعوا على أن اليقين طبقات في القوّة والضعف.

١٦٩١-[أقوال لبعض المتكلمين في الشك]

ولمّا قال ابن الجهم للمكّيّ: أنا لا أكاد أشكّ! قال المكّيّ: وأنا لا أكاد أوقن! ففخر عليه المكيّ بالشكّ في مواضع الشّك، كما فخر عليه ابن الجهم باليقين في مواضع اليقين.

وقال أبو إسحاق: نازعت من الملحدين الشاك والجاحد فوجدت الشّكّاك أبصر بجوهر الكلام من أصحاب الجحود.

وقال أبو إسحاق: الشاك أقرب إليك من الجاحد، ولم يكن يقين قط حتى كان قبله شكّ، ولم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتّى يكون بينهما حال شكّ.

وقال ابن الجهم: ما أطمعني في أوبة المتحيّر لأنّ كل من اقتطعته عن اليقين الحيرة فضالته التبيّن، ومن وجد ضالته فرح بها.

وقال عمرو بن عبيد: تقرير لسان الجاحد أشدّ من تعريف قلب الجاهل.


[١] الأروية: الأنثى من الوعول. حياة الحيوان ١/٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>