للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الضب]

(الضب)

١٦٩٥-[ذم هذا الكتاب ومدحه]

وأنا مبتدئ على اسم الله تعالى في القول في الضّبّ. على أنّي أذمّ هذا الكتاب في الجملة، لأنّ الشواهد على كلّ شيء بعينه وقعت متفرّقة غير مجتمعة.

ولو قدرت على جمعها لكان ذلك أبلغ في تزكية الشّاهد، وأنور للبرهان، وأملأ للنفس، وأمتع لها، بحسن الرّصف [١] . وأحمده، لأنّ جملة الكتاب على حال مشتملة على جميع تلك الحجج، ومحيطة بجميع تلك البرهانات، وإن وقع بعضه في مكان بعض، تأخّر متقدّم، وتقدّم متأخر.

١٦٩٦-[ما قيل من الشعر في جحر الضب]

وقالوا [٢] : ومن كيس [٣] الضّبّ أنّه لا يتخذ جحره إلّا في كدية وهو الموضع الصّلب- أو في ارتفاع عن المسيل والبسيط، ولذلك توجد براثنه ناقصة كليلة، لأنّه يحفر في الصّلابة، ويعمّق الحفر، ولذلك قال خالد بن الطّيفان [٤] : [من الطويل]

ومولى كمولى الزّبرقان دملته ... كما دملت ساق تهاض، بها كسر [٥]

إذا ما أحالت والجبائر فوقها ... مضى الحول لا برء مبين ولا جبر

تراه كأنّ الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب له وفر

ترى الشّرّ قد أفنى دوائر وجهه ... كضبّ الكدى أفنى براثنه الحفر


[١] الرصف: ضم الشيء بعضه إلى بعض.
[٢] انظر هذا القول في ربيع الأبرار ٥/٤٦٧.
[٣] الكيس: العقل.
[٤] الأبيات لخالد بن علقمة في ديوان علقمة ١٠٩- ١١٠، والمؤتلف ٢٢١، وللزبرقان بن بدر في المقاصد النحوية ٤/١٧١- ١٧٢، والأول لابن الطيفان الدارمي في اللسان (دمل) ، والثالث للزبرقان بن بدر في ديوانه ٤٠، والدرر ٦/٨١، وبلا نسبة في مجالس ثعلب ٣٩٦، والخصائص ٢/٤٣١، وهمع الهوامع ٢/١٣٠، واللسان (جدع) ، والرابع للحصين بن القعقاع في ثمار القلوب (٦١٣) .
[٥] في ديوان علقمة: «قوله: كمولى الزبرقان، كان الزبرقان بن بدر وصف مولى له في شعره فذمه، فشبّه هذا مولاه به؛ والمولى هنا ابن العم. والدمل: إصلاح ما فسد، وهو هاهنا الرفق والتلطف.
والهيض: كسر بعد جبر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>