للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أعاجيبه [١] أنّ له أيرين، وللضبة حرين. وهذا شيء لا يعرف إلّا لهما.

فهذا قول الأعراب.

وأمّا قول كثير من العلماء، ومن نقّب في البلاد، وقرأ الكتب، فإنّهم يزعمون أنّ للسّقنقور أيرين، وهو الذي يتداوى به العاجز عن النكاح، ليورثه ذلك القوة.

قالوا: وإن للحرذون أيضا أيرين، وإنّهم عاينوا ذلك معاينة. وآخر من زعم لي ذلك موسى بن إبراهيم.

والحرذون دويبة تشبه الحرباء، تكون بناحية مصر وما والاها، وهي دويّبة مليحة موشّاة بألوان ونقط.

وقال جالينوس: الضبّ الذي له لسانان يصلح لحمه لكذا وكذا. فهذه أيضا أعجوبة أخرى في الضبّ: أن يكون بعضه ذا لسانين وذا أيرين.

ومن أعاجيب الضّبّة أنّها تأكل أولادها. وتجاوز في ذلك خلق الهرّة، حتّى قالت الأعراب: «أعقّ من ضبّ» [٢] .

١٧١٠-[احتيال الضب بالعقرب]

وزعمت العرب أنّه يعدّ العقرب في جحره، فإذا سمع صوت الحرش استثفرها [٣] ، فألصقها بأصل عجب الذّنب من تحت، وضمّ عليها، فإذا أدخل الحارش يده ليقبض على أصل ذنبه لسعته العقرب.

وقال علماؤهم: بل يهيّئ العقارب في جحره، لتلسع المحترش إذا أدخل يده.

وقال أبو المنجد بن رويشد: رأيت الضب أخور [٤] دابّة في الأرض على الحر، تراه أبدا في شهر ناجر [٥] بباب جحره، متدخّلا يخاف أن يقبض قابض بذنبه، فربّما أتاه الجاهل ليستخرجه، وقد أتى بعقرب فوضعها تحت ذنبه بينه وبين الأرض، يحبسها بعجب الذنب، فإذا قبض الجاهل على أصل ذنبه لسعته، فشغل بنفسه.


[١] تقدم ذكر هذه الأعجوبة في ٤/٣٣٨، الفقرة (١٠٧٥) .
[٢] مجمع الأمثال ٢/٤٧، وجمهرة الأمثال ٢/٦٩، والمستقصى ١/٢٥٠، وأمثال ابن سلام ٣٦٩.
[٣] أصل الاستثفار في الكلب، وهو أن يدخل ذنبه بين فخذيه حتى يلزقه ببطنه.
[٤] أخور: أضعف.
[٥] شهر ناجر: رجب أو صفر. انظر الأزمنة والأمكنة ١/٢٨٠، والأيام والليالي للفراء ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>