للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما ذو المعرفة فإنّ معه عويدا يحرّكه هناك، فإذا زالت العقرب قبض عليه.

وقال أبو الوجيه: كذب والله من زعم أنّ الضّبّة تستثفر [١] عقربا، ولكنّ العقارب مسالمة للضّباب، لأنها لا تعرض لبيضها وفراخها. والضبّ يأكل الجراد ولا يأكل العقارب. وأنشد قول التميميّ الذي كان ينزل به الأزديّ: إنّه ليس إلى الطعام يقصد، وليس به إلا أنه قد صار به إلفا وأنيسا، فقال: [من الوافر]

أتأنس بي ونجرك غير نجري ... كما بين العقارب والضّباب [٢]

وأنشد: [من الطويل]

تجمّعن عند الضّبّ حتى كأنه ... على كلّ حال أسود الجلد خنفس

لأن العقارب تألف الخنافس. وأنشدوا للحكم بن عمرو البهراني [٣] : [من السريع]

والوزغ الرّقط على ذلّها ... تطاعم الحيّات في الجحر

والخنفس الأسود من نجره ... مودّة العقرب في السّرّ

لأنك لا تراهما أبدا إلّا ظاهرتين، يطّاعمان أو يتسايران، ومتى رأيت مكنة [٤] أو اطّلعت على جحر فرأيت إحداهما رأيت الأخرى.

قال: ومما يؤكّد القول الأوّل قوله: [من الطويل]

ومستثفر دون السّويّة عقربا ... لقد جئت بجريّا من الدّهر أعوجا

يقول: حين لم ترض من الدّهاء والنكر [٥] إلّا بما تخالف عنده النّاس وتجوزهم.

١٧١١-[شعر في إعجاب الضب والعقرب بالتمر]

وأنشدني ابن داحة لحذيفة بن دأب عمّ عيسى بن يزيد، الذي يقال له ابن


[١] انظر الحاشية ٣، في الصفحة السابقة.
[٢] النجر: الطبع.
[٣] سيكرر الجاحظ هذين البيتين ص ٤٦٧، والثاني بلا نسبة في اللسان (خنفس) .
[٤] المكنة: بيضة الضبة.
[٥] النكر: الدهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>