للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّه ذهب إلى أنّ حقده يخبو تارة ثمّ يستعر، ثم يخبو ثم يستعر.

وقال ابن ميّادة [١] ، وضرب المثل بنفخ الضب وتوثّبه: [من الطويل]

فإن لقيس من بغيض أقاصيا ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها

وقال الآخر: [من الطويل]

فلا يقطع الله اليمين التي كست ... حجاجي منيع بالقنا من دم سجلا [٢]

ولو ضبّ أعلى ذي دميث حبلتما ... إذا ظلّ يمطو من حبالكم حبلا [٣]

والضب يوصف بشدّة الكبر، ولا سيّما إذا أخصب وأمن وصار [٤] ، كما قال عبدة بن الطّبيب، فإنّه ضرب الضبّ مثلا حيث يقول [٥] ليحيى بن هزّال: [من البسيط]

لأعرفنّك يوم الورد ذا لغط ... ضخم الجزارة بالسّلمين وكّار

تكفي الوليدة والرّعيان مؤتزرا ... فاحلب فإنّك حلّاب وصرّار

ما كنت أول ضب صاب تلعته ... غيث فأمرع واسترخت به الدار

وقال ابن ميّادة [٦] : [من الطويل]

ترى الضّبّ أن لم يرهب الضّبّ غيره ... يكشّ له مستكبرا ويطاوله

وقال دعلج عبد المنجاب: [من الطويل]

إذا كان بيت الضب وسط مضبّة ... تطاول للشخص الذي هو حابله

المضبّة: مكان ذو ضباب كثيرة، ولا تكثر إلّا وبقربها حيّة أو ورل، أو ظربان، ولا يكون ذلك إلّا في موضع بعيد من النّاس، فإذا أمن وخلا له جوّه، وأخصب، نفخ وكشّ نحو كل شيء يريده.

١٧١٤-[ما يوصف بالكبر من الحيوان]

ومما يوصف بالكبر الثّور في حال تشرّقه، وفي حال مشيته الخيلاء في الرّياض،


[١] ديوان ابن ميادة ٧٩، والمعاني الكبير ٦٤٩.
[٢] الحجاجان: العظمان اللذان ينبت عليهما الحاجب. القنا: الرماح. السجل: الدلو العظيمة.
[٣] حبله: اصطاده بالحبالة.
[٤] صار القوم يصيرون: حضروا الماء.
[٥] الأبيات لعبدة بن الطبيب في ديوانه ٣٨، ونوادر أبي زيد ٤٧. وتقدمت في ٥/١٤٣.
[٦] ديوان ابن ميادة ١٩٣، والمعاني الكبير ٦٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>