للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٩٠-[رؤية الجن وسماع همهمتهم]

قال الأعراب: وربما نزلنا بجمع كثير، ورأينا خياما وقبابا، وناسا، ثم فقدناهم من ساعتنا.

والعوامّ ترى أنّ ابن مسعود، رضي الله عنه، رأى رجالا من الزّطّ فقال: «هؤلاء أشبه من رأيت بالجنّ ليلة الجنّ» .

قال: وقد روي عنه خلاف ذلك.

وتأوّلوا قوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً

[١] . ولم يهلك الناس كالتأويل.

ومما يدلّ على ما قلنا قول أبي النّجم، حيث يقول [٢] : [من الرجز]

بحيث تستنّ مع الجنّ الغول

فأخرج الغول من الجنّ، للذي بانت به من الجنّ.

وهكذا عادتهم: أن يخرجوا الشيء من الجملة بعد أن دخل ذلك الشيء في الجملة، فيظهر لأمر خاصّ.

وفي بعض الرّواية أنهم كانوا يسمعون في الجاهلية من أجواف الأوثان همهمة، وأن خالد بن الوليد حين هدم العزّى رمته بالشّرر حتى احترق عامّة فخذه، حتى عاده النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وهذه فتنة لم يكن الله تعالى ليمتحن بها الأعراب وأشباه الأعراب من العوامّ.

وما أشك أنه قد كانت للسّدنة حيل وألطاف لمكان التكسّب.

ولو سمعت أو رأيت بعض ما قد أعدّ الهند من هذه المخاريق [٣] في بيوت عباداتهم، لعلمت أنّ الله تعالى قد منّ على جملة الناس بالمتكلّمين، الذين قد نشؤوا فيهم.

١٧٩١-[افتتان بعض النصارى بمصابيح كنيسة قمامة]

وقد تعرف ما في عجايز النصارى وأغمارهم [٤] ، من الافتنان بمصابيح كنيسة


[١] ٦/الجن: ٧٢، وسيكرر الجاحظ الآية ص ٤٢٨ مع عرض رأي أصحاب التفسير.
[٢] ديوان أبي النجم العجلي ٢٠٩.
[٣] المراد بالمخاريق: ألاعيب المشعوذين.
[٤] الأغمار: جمع غمر، وهو الذي لم يجرب الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>