للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٩٦-[طعام الجن]

ورووا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنّه سأل المفقود الذي استهوته الجن: ما كان طعامهم؟ قال: الفول. قال: فما كان شرابهم؟ قال: الجدف [١] .

ورووا أن طعامهم الرّمة وما لم يذكر اسم الله عليه.

ورووا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم- والحديث صحيح- أنه قال [٢] : «خمّروا آنيتكم، وأوكئوا أسقيتكم وأجيفوا الأبواب، وأطفئوا المصابيح، واكففوا صبيانكم، فإن للشّياطين انتشارا وخطفة» .

١٧٩٧-[ضرب المثل بقبح الشيطان]

وقد قال الناس في قوله تعالى: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ

[٣] ، فزعم ناس أنّ رؤوس الشياطين ثمر شجرة تكون ببلاد اليمن، لها منظر كريه.

والمتكلّمون لا يعرفون هذا التّفسير، وقالوا: ما عنى إلّا رؤوس الشياطين المعروفين بهذا الاسم، من فسقة الجن ومردتهم. فقال أهل الطّعن والخلاف: كيف يجوز أن يضرب المثل بشيء لم نره فنتوهّمه، ولا وصفت لنا صورته في كتاب ناطق، أو خبر صادق. ومخرج الكلام يدلّ على التخويف بتلك الصّورة، والتفزيع منها.

وعلى أنّه لو كان شيء أبلغ في الزّجر من ذلك لذكره. فكيف يكون الشأن كذلك، والناس لا يفزعون إلّا من شيء هائل شنيع، قد عاينوه، أو صوّره لهم واصف صدوق اللسان، بليغ في الوصف. ونحن لم نعاينها، ولا صوّرها لنا صادق. وعلى أنّ أكثر الناس من هذه الأمم التي لم تعايش أهل الكتابين وحملة القرآن من المسلمين، ولم تسمع الاختلاف لا يتوهّمون ذلك، ولا يقفون عليه، ولا يفزعون منه. فكيف يكون ذلك وعيدا عاما؟! قلنا [٤] : وإن كنّا نحن لم نر شيطانا قطّ ولا صوّر رؤوسها لنا صادق بيده، ففي


[١] الحديث في النهاية ١/٢٤٧، وتقدم في ١/١٩٩، الفقرة (٢٢٩/٢) . وفي النهاية: «الجدف:
نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله معه إلى شرب ماء» .
[٢] تقدم الحديث في ٤/٢٩١، ٥/١٢١.
[٣] ٦٥/الصافات: ٣٧.
[٤] ورد قول الجاحظ في ثمار القلوب ٥٧ (١٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>