للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتصوّرون في أقبح الصّور إذا حضروا لقبض أرواح الكفار، وكذلك في صور منكر ونكير، تكون للمؤمن على مثال، وللكافر على مثال.

ونحن نعلم أنّ الكفار يزعمون أنهم لا يتوهّمون الكلام والمحاجّة من إنسان ألقي في جاحم أتّون فكيف بأن يلقى في نار جهنّم؟! فالحجّة على جميع هؤلاء، في جميع هذه الأبواب، من جهة واحدة. وهذا الجواب قريب. والحمد لله.

وشقّ فم العنكبوت بالطول. وله ثماني أرجل.

١٨٠٠-[سكنى الجن أرض وبار]

وتزعم الأعراب أن الله عزّ ذكره حين أهلك الأمة التي كانت تسمّى وبار، كما أهلك طسما، وجديسا، وأميما، وجاسما، وعملاقا، وثمودا وعادا- أنّ الجنّ سكنت في منازلها وحمتها من كلّ من أرادها، وأنّها أخصب بلاد الله، وأكثرها شجرا، وأطيبها ثمرا، وأكثرها حبّا وعنبا، وأكثرها نخلا وموزا. فإن دنا اليوم إنسان من تلك البلاد، متعمّدا، أو غالطا، حثوا في وجهه التراب، فإن أبى الرّجوع خبلوه، وربّما قتلوه.

والموضع نفسه باطل. فإذا قيل لهم: دلّونا على جهته، ووقّفونا على حدّه وخلاكم ذمّ- زعموا أنّ من أراد ألقي على قلبه الصّرفة، حتّى كأنهم أصحاب موسى في التّيه. وقال الشاعر [١] : [من الطويل]

وداع دعا واللّيل مرخ سدوله ... رجاء القرى يا مسلم بن حمار

دعا جعلا لا يهتدي لمقيله ... من اللؤم حتّى يهتدي لوبار

فهذا الشاعر الأعرابيّ جعل أرض وبار مثلا في الضلال. والأعراب يتحدّثون عنها كما يتحدّثون عمّا يجدونه بالدّوّ والصّمّان، والدهناء، ورمل يبرين. وما أكثر ما يذكرون أرض وبار في الشّعر، على معنى هذا الشاعر [٢] .

قالوا: فليس اليوم في تلك البلاد إلّا الجنّ، والإبل الحوشيّة.


[١] تقدم البيتان في ٥/٢١٦.
[٢] من ذلك قول أبي النجم:
(حذار من أرماحنا حذار ... أو تجعلوا دونكم وبار)
وقول الأعشى:
(وكرّ دهر على وبار ... فهمدت جمهرة وبار)
انظر ما بنته العرب على فعال ٥٠- ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>