للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هو في صورة الثّيران، ومنهم من هو في صورة النسور. ويدلّ على ذلك تصديق النبى صلّى الله عليه وسلّم لأميّة بن أبي الصّلت، حين أنشد [١] : [من الكامل]

رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنّسر للأخرى وليث مرصد

قالوا: فإذ قد استقام أن تختلف صورهم وأخلاط أبدانهم، وتتفق عقولهم وبيانهم واستطاعتهم، جاز أيضا أن يكون إبليس والشّيطان والغول أن يتبدلوا في الصّور من غير أن يتبدلوا في العقل والبيان والاستطاعة.

قالوا: وقد حوّل الله تعالى جعفر بن أبي طالب طائرا، حتى سماه المسلمون الطّيّار [٢] ، ولم يخرجه ذلك من أن نراه غدا في الجنة، وله مثل عقل أخيه علي رضي الله عنهما، ومثل عقل عمه حمزة رضي الله تعالى عنه، مع المساواة بالبيان والخلق.

١٨٠٦-[أحاديث في إثبات الشيطان]

قالوا: وقد جاء في الأثر النهي عن الصّلاة في أعطان الإبل، لأنّها خلقت من أعنان الشياطين [٣] .

وجاء أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الصّلاة عند طلوع الشّمس حتى طلوعها، فإنّها بين قرني شيطان [٤] .

وجاء أنّ الشياطين تغلّ في رمضان.

فكيف تنكر ذلك مع قوله تعالى في القرآن. وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ.

وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ

[٥] .

ولشهرة ذلك في العرب، في بقايا ما ثبتوا عليه من دين إبراهيم عليه السّلام، قال النابغة الذبياني [٦] : [من البسيط]


[١] ديوان أمية بن أبي الصلت ٣٦٥.
[٢] انظر ما تقدم ١/٢٦، س ١٤- ١٥، ٣/١١٢، الفقرة (٦٩٩) .
[٣] في النهاية ٣/٣١٣: «لا تصلوا في أعطان الإبل؛ لأنها خلقت من أعنان الشياطين» . أي كأنها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها. وفي حديث آخر في النهاية ٣/٢٥٨: «صلّوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل» . وتقدم الحديث في ١/١٠١، الفقرة (١١٩) .
[٤] النهاية ٢/٤٧٥، وتقدم في ١/١٠١، الفقرة (١٢٠) .
[٥] ٣٧- ٣٨/ص: ٣٨.
[٦] ديوان النابغة الذبياني ٢٠- ٢١، والأول في اللسان والتاج (حدد) ، والعين ٨/٤٩، والمقاييس-

<<  <  ج: ص:  >  >>