للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعثّ: دويبة تقرض كلّ شيء، وليس له خطر ولا قوّة ولا بدن.

قال الرّاجز [١] : [من الرجز]

يحثّني وردان أيّ حثّ ... وما يحثّ من كبير عثّ

إهابه مثل إهاب العثّ

وأنشد: [من الوافر]

وعثّ قد وكلت إليه أهلي ... فطاح الأهل واجتيح الحريم

وما لاهى به طرف فيوحي ... ولا صكّ إذا ذكر القضيم [٢]

وأنشد آخر [٣] : [من المتقارب]

فإن تشتمونا على لؤمكم ... فقد يقرض العثّ ملس الأديم

وقالوا في الحفّاث، هجا الكروبي أخاه فقال: [من الوافر]

حبارى في اللّقاء إذا التقينا ... وحفّاث إذا اجتمع الفريق

وقال أعرابي: [من الطويل]

ولست بحفّاث يطاول شخصه ... وينفخ نفخ الكير وهو لئيم

وقع بين رجل من العرب ورجل من الموالي كلام، فأربى عليه المولى، وكان المولى فيه مشابه من العرب والأعراب، فلم يشكّ ذلك العربيّ أن ذلك المولى عربيّ، وأنّه وسط عشيرته، فانخزل [٤] عنه فلم يكلمه، فلما فارقه وصار إلى منزله علم أنه مولى، فبكر عليه غدوة، فلما رأى خذلان جلسائه له ذلّ واعتذر، فعند ذلك قال العربيّ في كلمة له: [من الطويل]

ولم أدر ما الحفاث حتّى بلوته ... ولا نفض للأشخاص حتّى تكشّفا [٥]

وقد أدركت هذه القضية وكانت في البحرين، عند مسحر بن السكن عندنا بالبصرة. فهو قوله: «والعثّ والحفّاث ذو نفخة» لأن الحفاث له نفخ وتوثّب، وهو ضخم شنيع المنظر، فهو يهول من لا يعرفه.


[١] ورد البيت الثالث بلا نسبة في البرصان ١٩٣.
[٢] القضيم: الرق الأبيض الذي يكتب فيه.
[٣] البيت للمخبل في مجمع الأمثال ١/٤٣٤، وبلا نسبة في حياة الحيوان ٢/١٥ (العثة) .
[٤] انخزل: انقطع وانفرد.
[٥] النفض: أن ينظر جميع ما في الشيء حتى يعرفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>