للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأغضف الأذن الطّويل العمر ... وأرنب الخلّة تلو الدّهر [١]

قد سمعت من يذكر أنّ كبر أذن الإنسان دليل على طول عمره، حتّى زعموا أنّ شيخا من الزّنادقة، لعنهم الله تعالى، قدّموه لتضرب عنقه فعدا إليه غلام سعديّ كان له، فقال: أليس قد زعمت يا مولاي أنّ من طالت أذنه طال عمره؟ قال: بلى! قال:

فهاهم يقتلونك! قال: إنما قلت: إن تركوه! وأنا لا أعرف ما قال الأثرم، ولا سمعت شعرا حديثا ولا قديما يخبر عن طول عمر الأرنب. قال الشّاعر: [من الرجز]

معبلة في قدح نبع حادر ... تسقى دم الجوف لظفر قاصر [٢]

إذ لا تزال أرنب أو فادر ... أو كروان أو حبارى حاسر [٣]

إلى حمار أو أتان عاقر

١٨٦٥-[لبن الأرنب]

قال: ويزعمون أنه ليس شيء من الوحش، في مثل جسم الأرنب أقلّ لبنا ودرورا على ولد منها. ولذلك يضرب بدرّها المثل، فممّن قال في ذلك عمرو بن قميئة، حيث يقول [٤] : [من الخفيف]

ليس بالمطعم الأرانب إذ قلّ ... ص درّ اللّقاح في الصّنّبر

ورأيت الإماء كالجعثن البا ... لي عكوفا على قرارة قدر

ورأيت الدّخان كالودع الأه ... جن ينباع من وراء السّتر

حاضر شرّكم وخيركم د ... رّ خريس من الأرانب بكر

١٨٦٦-[قصر يدي الأرنب]

والأرنب قصير اليدين، فلذلك يخفّ عليه الصّعداء [٥] والتوقّل في الجبال.

وعرف أنّ ذلك سهل عليه. فصرف بعض حيله إلى ذلك، عند إرهاق الكلاب إيّاه.

ولذلك يعجبون بكلّ كلب قصير اليدين، لأنه إذا كان كذلك كان أجدر أن يلحقها.


[١] الأغضف الأذن: المسترخيها. تلو الدهر: ولده.
[٢] المعبلة: النصل الطويل العريض. الحادر: الغليظ.
[٣] الفادر: المسن من الأوعال. الحاسرك الذي لا ريش عليه.
[٤] ديوان عمرو بن قميئة ٧٧- ٧٨، وتقدمت الأبيات في ٥/٤٠، الفقرة (١٢٩٧) .
[٥] أي الأرض الصعداء، وهي التي يشتد صعودها على الراقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>